للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً}. (١)

وأراد الله تعالى من هذا الزواج إبطال تقليد اجتماعي خطير من مبادئ الجاهلية، وهو أن يكون للابن المتبني كل ما للابن الصلب من الحقوق والأحكام سواء في ذلك الميراث وحرمة تزوج الأب من زوجة ابنه المتبني وغير ذلك.

فكان زواج زيد بن حارثة من زينب توطئة لذلك. فقد أخبر الله نبيه محمدا (صلى الله عليه وسلم) بالوحي بأن زيدا سيطلق زينب ثم تتزوجها أنت بعده لإبطال هذه العادة الجاهلية عمليا على يد رسول الله نفسه حتى ينحسم الأمر نهائيا وبصورة قاطعة.

وجاء زيد بن حارثة يشكو إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زينب، وأنها تتعالى عليه، وأن العشرة بينهما غير مستطاعة.

والرسول (صلى الله عليه وسلم) وحده يعلم أن الطلاق سيتم ولكنه قال لزيد: (أمسك عليك زوجك واتق الله).

إنه يريد أن يعالج الأمر على طريقة البشر في مثل هذه الأمور الحرجة بالتدرج، كما أنه مع علمه بالنتيجة لم ينزل عليه من الله توقيت معين للتنفيذ، فله إذن حرية التصرف حتى يبلغ الأمر مداه، وهو مع ذلك ينظر إلى القضية على أنها خطيرة، وسوف تثير حوله الأقاويل والأراجيف إلى أبعد مدى، والمدينة مشحونة بأعدائه من اليهود والمنافقين المتربصين لكل حركة وكل كلمة.

وتزوج إنسان عادي زوجة آخر بعد الموافقة على تطليقها منه كثيرا ما يكون سببا في هدم شخصية الزوج، وتنقيص مكانته بين الناس، فما بالك


(١) الأحزاب: ٣٦.

<<  <   >  >>