للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا كان الذي وافق على الطلاق وتزوج المطلقة هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكانت المطلقة قبل طلاقها زوجة من يسميه العرب ابن محمد) لذلك كان لا بد من نزول قرآن يحسم الموقف، ويشرح القضية ويذكر جميع ملابساتها ويدفع الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى السرعة في التنفيذ بأسلوب التهييج والإثارة. وهو أسلوب بلاغي معروف لدى العرب.

قال تعالى في القضية كلها: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} (١).

وهنا تعلق المغرضون بقوله تعالى لرسوله (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ) وظنوها غلطة لا تليق بمقام الرسالة، وافتروا على الله وعلى رسوله فيما يتوهمون، ولو تذوقوا الأسلوب القرآني لوجدوه يستعمل مثل هذا التعبير في التهييج والدفع إلى الشيء الخطير وتنفيذ أمر ذي شأن كبير وأهمية معينة.

قال تعالى في حض المؤمنين على قتال أعدائهم: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} (٢).


(١) الأحزاب: ٣٧.
(٢) التوبة: ١٣.

<<  <   >  >>