للمبادئ التي يؤمن بها وشعر بمسئوليته أمام نفسه فإنهم يقولون: إنه رجل ذو ضمير.
وعندما يمتنع إنسان عن عمل لا يتفق مع تقديره للمثل العليا والمبادئ الكريمة فإنه يقول: إن ضميري لا يرضى عن ذلك، أو يقول: إنني أشعر بتأنيب ضميري.
ومن الواضح أن المقصود بالضمير في هذه الأحوال كلها هو الحاكم الذي نطيعه والرقيب المشرف على إرادتنا في داخل أنفسنا، والحارس الساهر على المحافظة على المبادئ التي يجب أن نعمل بمقتضاها.
ومن الواضح أن هذ الضمير يباشر وظيفته داخل الإنسان على أساس إدراكه قيمة الأفعال والأقوال، وإدراك أحكامها وآثارها من غير أن يبالي بالعواطف والأهواء والمصالح الشخصية.
إن هذا الذي نسميه "الضمير" شيء يتميز به الإنسان، وهو من عجائب الطبيعة البشرية. وقد عرفه العلماء بأنه "صوت ينبعث من أعماق الصدور آمراً بالخير، وناهياً عن الشر، وإن لم ترج مثوبة أو تخشى عقوبة".
والضمير حسب هذا التعريف الذي سار عليه الفلاسفة وعلماء الأخلاق وغيرهم، له جانب مشرق وجانب مظلم.
فالجانب المشرق هو جانب خضوع الضمير للمبادئ الحسنة، والشرائع التي قدسها الإنسان وجعلها نظاماً لحياته، وأماناً لمن أخذ بها.
والجانب المظلم هو جانب خضوع هذا الضمير لمبادئ ظالمة وفاسدة أملتها وكونتها ظروف البيئة أو الأمة، أو التقاليد والمواريث وغيرها، لأن التعريف تكلم عن ضمير له مبادئ مطلقة وغير مقيدة بشرع.
فمثلاً: جريمة السرقة كانت فضيلة عند بعض الشعوب، وكان من تنقصه فيها المهارة عرضة للاحتقار وتأنيب الضمير.