للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونهب مال الغريب لا حرج فيه عند فريق من القبائل البربرية، فمن الواضح أنهم لا يقاسون عند نهبه تأنيب الضمير، وليس هذا فقط، بل الشخص الواحد يختلف ضميره باختلاف سنه، وفي عصرنا هذا يوجد ناس ينكرون وجود الله، وآخرون يفعلون كل منكر ولا يشعرون أن ضميرهم ينكر ذلك.

إذاً فالضمير حسب التعريف السابق لا يصلح أن يكون ميزاناً نعتمد عليه نحن الإسلاميين إنما يجب إذا أطلقناه تبعاً لغيرنا أن نخضع مفهومه لما جاء في الشرع.

إن المسلم يشعر شعوراً كاملاً بأنه يجد داخل نفسه حاكماً يحكم تصرفاته، وحارساً يقظاً يبصره بأخطائه، ويؤنبه عليها، كما يشعر بوجود وازع ودافع إلى الخير، وإلى ما ينفع نفسه وغيره، وزاجر يزجر عن الشر، ويقيم في النفس معركة ضده.

ولكنه يشعر أن هذا الحاكم فوقه قوة أعلى تأمره وتراقبه وتحذره. وهي قوة الله تعالى. وذلك إذا كان المسلم حياً في إيمانه، قوياً في يقينه، متصل القلب بربه. هذا الشعور يسمى عند المسلمين البصيرة، والمراقبة، والإيمان، والخوف من الله ... الخ. فإن أردت أن تسميه ضميراً فلا مانع، ولكن على أساس أنه حارس لحدود الله، وحاكم بحكمه، ومؤنب للإنسان بسبب مخالفته ومعصيته لربه، جاء في الحديث الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله عن الإحسان:

"الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

وجاء في كتاب الله تعالى قوله:

{بل الإنسان على نفسه بصيرة} [القيامة: ١٤].

<<  <   >  >>