للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - إن الفأرة تأتي إلى إناء الزيت فتشرب منه, فإذا نقص صارت تشرب بذنبها, فإذا لم تصل إليه ذهبت وأتت بماء في فمها وتصبه فيه حتى يعلو لها الزيت فتشربه (١).

ويقول الدكتور مصطفى محمود: (٢)

من الذي علم الكتكوت أن يكسر البيضة عند أضعف أجزائها ويخرج؟

من الذي علم الطيور الهجرة عبر البحار والصحارى إلى حيث تجد الغذاء الأوفر والجو الأحسن؟ وإلى حيث تتلاقح وتتوالد؟ ... ومن الذي يسدد خطاها طوال هذه الرحلة من ألوف الأميال فلا تضل؟

من الذي علم دودة القز أن تنسلخ من ثوبها مرة بعد مرة أخرى, ثم تنزوي في ركن لتبني لنفسها شرنقة من حرير تنام فيها ليالي طويلة مثل أهل الكهف ثم تخرج منها فراشة بيضاء جميلة؟

من الذي علم أبو ذنيبة كيف يصنع لنفسه ذنبا حين تقطع له ذنبه؟ .. لا أحد, إن العلم باطن في خلاياه .. كل خلية تعرف دورها معرفة تلقائية وتؤديه.

وبالمثل ما يحدث لنا حينما نجرح فتلتئم جروحنا من تلقاء نفسها .. وحينما تجرح الأشجار فتلتئم بنسيج من الفلين يملؤها بين شفرات جروحها.

وبالمثل مايحدث لنا بدون جراح وبدون أمراض حينما يحقق لنا جسمنا درجة حرارة ثابتة في الحر وفي البرد .. ويحتفظ لنا بوزن ثابت في ظروف مختلفة من الجوع والشبع. ويحتفظ بسلامته ووحدته في مواجهة جيوش جرارة من الميكروبات تعمل ليل نهار على تفكيكه وتفتيته وهضمه وأكله.


(١) ا. هـ. باختصار من تفسير الجواهر.
(٢) كتابه "لغز الحياة" مع ملاحظة أننا ننقل عنه ما يتصل بتخصصه أو ما له صلة به، وليس معنى ذلك أننا نوافقه على شطحاته الخاصة بتفكيره في الدين أو في القرآن فيراعى ذلك.

<<  <   >  >>