هذا التوازن الدقيق الذي يتحقق بفاعلية مستمرة في الداخل وحركة دائبة لتصحيح كل خطأ .. هو الذي يثير التفكير ... إلى أن قال:
والتفسير العلمي للحياة بأنها نشاط كيماوي (كما يقول الطبيعيون المنكرون للصانع) تفسير غير كاف .. لأن الجسم الميت يحتوي على نفس المواد الكيماوية التي في الجسم الحي .. والتراب يحتوي على نفس المقادير من الحديد والنحاس والكربون ... إلى أن قال: والمشكلة تحتاج إلى تفكير أكثر (١).
ثم يقول في موضع آخر: وبيننا اليوم حشرات عجيبة تأكل أنواعا عجيبة من الأطعمة, مثل ذبابة البترول, وذبابة التحنيط التي تعيش على أملاح تحنيط الجثث, وخنفساء الدائرة الكهربائية التي تعيش على أسلاك الرصاص ... وكل حشرة تتحرك مثل عربة مصفحة تحيط بجسمها الرقيق صفائح من مادة كالصلب اسمها"الكيتين" تقاوم فعل جميع المهلكات الكيمائية ... وهي تسلح نفسها بحراب وخناجر وأشواك ..
وبعضها يسلح نفسه بحويصله من السم متصلة بإبرة حامية (الزبان) يطعن بها أي عدو يقترب منه فيشله ثم يلتهمه, وبعضها يتلون بلون البيئة كفرس النبي الأخضر بلون الخضرة, أو الجرادة الصفراء بلون الرمال .. وبعضها يطلق غازات كريهة ليطرد أعداءه .. وبعضها يبني لنفسه قلاعا حصينة من الطين, وبعضها يحاكي في هيئته الونانير اللاسعة بدون أن يكون لها زبان ليضحك على مطارديه .. إلى أن قال: وأعجب ما في الحشرة ما يسمى بالمعرفة الغريزية .. فحشرة أبي دقيق تختار أوراق الكرنب لتبيض عليها مع أنها لا تتغذى على الكرنب ولا تحتاج إليه, وإنما تقودها إلى ذلك معرفة غريزية باطنية .. فالبيض سوف يفقس وسوف تخرج ديدان صغيرة لا تأكل سوى الكرنب, فيجب أن تبيض حشرة أبي دقيق على ورق