للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُكْمِ وَقَالَ: أَمَّا التَّوَقُّفُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الثُّبُوتَ إنَّمَا هُوَ فِي النِّصْفِ وَلَعَلَّ الْحَاكِمَ الْمَذْكُورَ كَانَ يَرَى أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تُفَرِّقُ، هَذَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمَكْتُوبِ الْآخَرِ فَلَمَّا خَرَجَ تَبَيَّنَّ أَنَّ بِمَجْمُوعِ الْكِتَابَيْنِ ثَبَتَ بُطْلَانُ الْكُلِّ وَلَكِنْ قَصُرَتْ الْعِبَارَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الْكِتَابَيْنِ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَأَمَّا الْإِشْكَالُ مِنْ أَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا يُعَارِضُهُ الْإِقْرَارُ السَّابِقُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَسْبِقُ إلَى ذِهْنِ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ.

فَجَوَابُهُ مِنْ مَسَائِلَ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا فِي الْمَذْهَبِ: (إحْدَاهَا) مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِأَجْنَبِيِّ أَنَّهُ مَلَكَهُ وَأُطْلِقَتْ وَلَمْ يُسْنِدْهُ إلَى زَمَنٍ مَاضٍ وَانْتُزِعَ مِنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَمَا ذَاكَ إلَّا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي شُمُولَ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حُدُوثِ سَبَبٍ آخَرَ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَاَلَّتِي شَهِدَتْ لِعِمَادِ الدِّينِ بِالْمِلْكِ تَقْتَضِي اسْتِصْحَابَهُ إلَى مَا مَضَى وَذَلِكَ يُنَافِي إقْرَارَهُ بِهِ لِوَالِدَتِهِ، وَأَيْضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُسْتَنَدَهَا الِاسْتِصْحَابُ وَالْيَدُ وَخَفِيَ عَنْهَا الْأُمُورُ الْمُتَقَدِّمَةُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فِي أَدَبِ الْقُضَاةِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِعَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي التَّدَاعِي بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِالْمِلْكِ ثُمَّ ادَّعَاهُ مُطْلَقًا لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَدَّعِيَ تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْهُ خِلَافًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ قَالَ: وَخَالَفَ فِيهِ جَمِيعُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ فِي مُسْتَقْبِلِ الْأَمْرِ وَلَا مُبَالَاةَ بِقَوْلِ يُمْكِنُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ مِنْ الْمُقِرِّ لَهُ إلَى الْمُقِرِّ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ لَزِمَهُ حُكْمُ إقْرَارِهِ فَإِذَا عَادَ يَدَّعِيه فَمَعْنَاهُ نَقَلْته إلَيَّ أَوْ إلَى مَنْ نَقَلَهُ إلَيَّ وَهَذَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ النَّوَافِلَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ بَيْعٌ أَوْ هِبَةٌ أَوْ عِوَضٌ يَجْرِي مَجْرَى دَيْنٍ وَإِذَا أَمْكَنَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى السَّبَبِ النَّاقِلِ مَعَ سَابِقَةِ الْإِقْرَارِ وَجَبَ إظْهَارُهُ بِخِلَافِ دَعْوَى الْمِلْكِ لَا مَعَ سَابِقَةِ إقْرَارٍ فَإِنَّ أَسْبَابَ الْمِلْكِ كَثِيرَةٌ فَجَازَ إطْلَاقُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ وَلَدُهُ قَاضِي الْقُضَاةِ الْخَطِيبُ أَبُو نَصْرٍ تَاجُ الدِّينِ سَلَّمَهُ اللَّهُ: ثُمَّ اجْتَمَعُوا فِي ثَامِنَ عَشْرَ شَعْبَانَ الْمَذْكُورِ بِدَارِ السَّعَادَةِ فَجَزَمَ وَالِدِي بِصِحَّةِ حُكْمِ قَاضِي الْقُضَاةِ الْمَذْكُورِ الصَّادِرِ فِي حَيَاةِ أُمِّ عِمَادِ الدِّينِ وَزَوْجَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَأْخَذِ أَنَّ كُلًّا مِنْ وَالِدَتِهِ وَزَوْجَتِهِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ أَقَرَّتْ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِقَرَاسُنْقُرَ لَا حَقٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>