للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَحُوا " يَضَعُ " وَالْمَوْهِبَةُ بِكَسْرِ الْهَاءِ الْهِبَةُ وَبِفَتْحِهَا النُّقْرَةُ فِي الصَّخْرِ، وَالْوَهَّابُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنْعِمُ عَلَى الْعِبَادِ.

(الْعَاشِرُ) : (الْمُلْكُ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَبْلُغُ مِنْهُ بِكَسْرِهَا فَإِنَّهُ بِالضَّمِّ يَسْتَدْعِي الْعِزَّ وَالْقُوَّةَ وَبِالْكَسْرِ يَسْتَدْعِي الْقُدْرَةَ عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ. وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ وَقَدْ يُوجَدُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَا مَلِكَ إلَّا اللَّهُ» وَنَقَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْمَلِكِ الْحَقِيقِيِّ الْمُشَارَ إلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦] وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُلُوكِ الدُّنْيَا. وَسَبَبُهُ أَنَّ الْمُلْكَ الَّذِي بِيَدِ الْعِبَادِ هُوَ مِنْ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى آتَاهُمْ مِنْهُ نَصِيبًا فَيُطْلَقُ الِاسْمُ عَلَيْهِمْ لِحُصُولِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِمْ، كَالْمَالِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ.

فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْمُلْكِ عَلَى الْعِبَادِ إمَّا لِحُصُولِ ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ الْمِلْكِ فِيهِمْ الَّذِي هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا يُطْلِقُ الْقَائِلُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا لِلَّهِ فَتَكُونُ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اسْتِعَارَةٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ عِلْمِ الْفِقْهِ.

(الْحَادِيَ عَشَرَ) : {لا يَنْبَغِي} [ص: ٣٥] قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا يَسْهُلُ وَلَا يَكُونُ. كَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْمُسْتَحِيلِ وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمُمْكِنِ الَّذِي لَا يَلِيقُ كَمَا تَقُولُ مَا يَنْبَغِي لِفُلَانٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَهُ. وَأَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَالْبَغْيُ: فِي عَدْوِ الْفَرَسِ بِاخْتِيَالٍ وَمَرَحٍ، وَأَنَّهُ يَسْعَى فِي عَدْوِهِ وَلَا يُقَالُ فَرَسٌ بَاغٍ، وَبَغَى عَلَى أَخِيهِ حَسَدَهُ، وَبَغَى عَلَيْهِ ظَلَمَهُ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْحَسَدِ لِأَنَّ الْحَاسِدَ يَظْلِمُ الْمَحْسُودَ جَهْدَهُ؛ وَبَغَى الْحَاجَةَ وَالضَّالَّةَ طَلَبَهَا وَأَبْغَيْتُهُ أَعَنْته عَلَى الظُّلْمِ، وَبَغَتْ الْمَرْأَةُ فَجَرَتْ، وَالْبَاغِي الَّذِي يَطْلُبُ الشَّيْءَ الضَّالَّ وَمَا ابْتَغَى لَك أَنْ تَقُولَ هَذَا.

وَمَا ابْتَغَى أَيْ مَا يَنْبَغِي وَالْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ الظَّالِمَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ.

(الثَّانِي عَشَرَ) : {مِنْ بَعْدِي} [ص: ٣٥] قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مَعْنَاهُ مِنْ دُونِي، وَلَا أَدْرِي مَا الَّذِي أَلْجَأَ الزَّمَخْشَرِيَّ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، فَإِنْ أَرَادَ بِدُونِ غَيْرٍ فَصَحِيحٌ؛ وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا فَيَرُدُّهُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَبْقَى " بَعْدَ " عَلَى ظَرْفِيَّتِهَا، وَيُرَادُ مِنْ بَعْدِ هِبَتِهِ لِي، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ كَانَ لَهُ اسْتِيلَاءٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ لَمَّا ذَكَرَ دَعْوَةَ أَخِيهِ سُلَيْمَانَ لَوْلَا ذَلِكَ لَأَصْبَحَ مَوْثُوقًا تَلْعَبُ بِهِ صِبْيَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَلَعَلَّ الْمَانِعَ لَعِبُ صِبْيَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُمْ دُونَ سُلَيْمَانَ أَمَّا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا مَانِعَ مِنْ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ.

(الثَّالِثَ عَشَرَ) : قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو عَمْرٍو (مِنْ بَعْدِي) بِتَحْرِيكِ الْيَاءِ، وَأَسْكَنَهَا الْبَاقُونَ.

(الرَّابِعُ عَشَرَ) : قَوْلُهُ {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: ٣٥] تَعْلِيلٌ لِسُؤَالِ الْهِبَةِ " وَإِنْ " كَانَتْ مَكْسُورَةً فَإِنَّهَا تَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>