للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اُتُّفِقَ فِي هَذَا الْعَامِ فَعَيَّدَ أَكْثَرُ النَّاسِ بِقَوْلِهِمْ وَالْبَاقُونَ لَمْ يُصْغُوا إلَيْهِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ يَوْمُ أَضْحَى النَّاسِ كُلِّهِمْ حَتَّى يَحْرُمَ صَوْمُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصْغِ إلَى ذَلِكَ، وَكَيْفَ يُقَالُ ذَلِكَ وَيُحْتَجُّ عَلَى أَنَّهُ الْعِيدُ بِتَعْيِيدِ النَّاسِ وَتَعْيِيدُ النَّاسِ مَشْرُوطٌ فِي الثُّبُوتِ الَّذِي لَا رِيبَةَ فِيهِ أَعْنِي التَّعْيِيدَ الشَّرْعِيَّ وَأَمَّا التَّعْيِيدُ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ فَلَوْ اسْتَدْلَلْنَا بِالتَّعْيِيدِ عَلَى صِحَّةِ الْمُسْتَنَدِ لَزِمَ الدَّوْرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَنَدُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَالتَّعْيِيدُ كَالتَّعْيِيدِ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ وَهُوَ حَرَامٌ مَرْدُودٌ عَلَى فَاعِلِهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَدْخَلَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» وَإِذَا كَانَ مَرْدُودًا فَلَا يُرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَنَدُ مُعْتَبَرًا فَالْعِيدُ ثَابِتٌ قَبْلَهُ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْعِيدِ لَا يَصِحُّ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَحَلَّ الْحَدِيثِ مَا ذَكَرْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) وَلَا يُسْتَحَبُّ فِي هَذَا الْعَامِ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ لِمَا قُلْنَاهُ فَإِنْ اُضْطُرَّ شَخْصٌ إلَى الْحُضُورِ مَعَ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَعَدَمِ مُخَالَفَتِهِمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الضُّحَى فَإِنَّهُ إذَا نَوَى الْعِيدَ لَمْ يَصِحَّ فِي اعْتِقَادِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ مَا لَا يَصِحُّ، ثُمَّ فِي صِحَّتِهَا نَفْلًا مُطْلَقًا إذَا بَطَلَتْ نِيَّةُ الْعِيدِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْبُطْلَانُ فَلِذَلِكَ قُلْنَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْوِيَ الضُّحَى أَوْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَيَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِاَلَّذِي يُصَلِّي الْعِيدَ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي النِّيَّةِ.

(فَصْلٌ) فَإِذَا صَلَّى كَمَا قُلْنَاهُ وَكَبَّرَ الْإِمَامُ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدَ فَإِنْ كَبَّرَ مَعَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَجْرِيَ خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي نَقْلِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ رُكْنٌ فِي التَّحْرِيمِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَجْرِيَ لِأَنَّ الرُّكْنَ مَشْرُوعٌ فِي الِانْتِقَالَاتِ، فَإِنْ اُضْطُرَّ فِي مُوَافَقَةِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ إلَى ذِكْرٍ وَأَرَادَ الِاحْتِرَازَ عَنْ ذَلِكَ أَتَى مَكَانَهُ بِتَسْبِيحٍ أَوْ يَقُولُ مَكَانَ أَكْبَرُ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ، وَأَمَّا رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي ذَلِكَ فَالْأَوْلَى التَّحَرُّزُ عَنْهُ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الثَّانِيَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ فَيَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَلَيْسَ مُتَفَرِّقًا فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِمَّا نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْبُطْلَانِ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ضَعِيفًا لِعَدَمِ التَّوَالِي وَلِوُرُودِ السُّنَّةِ بِهِ، فَلَوْ اُضْطُرَّ فِي مُوَافَقَةِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ فَلْيُقَلِّلْ الرَّفْعَ مَا أَمْكَنَ.

(فَصْلٌ) وَالتَّضْحِيَةُ يَوْمَ السَّبْتِ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَكِنَّ الْأَوْلَى التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى التَّضْحِيَةِ أَفْضَلُ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّأْخِيرِ وَالْوُقُوعِ مَعَهُ فِي الشَّكِّ وَنَحْنُ إنَّمَا اسْتَحْبَبْنَا صَوْمَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ وَلَا مَنْدُوحَةَ فِي حُصُولِ الْأَجْرِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا دَاعِيَ إلَيْهِ.

(فَصْلٌ) قَدَّمْنَا أَنَّ فِي الْحُكْمِ بِالشَّهْرِ نَظَرًا، وَمِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>