رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا عِنْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ الرَّمْيِ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ فَيَنْزِلُ بِالْمُحَصَّبِ وَهُوَ الْأَبْطَحُ الَّذِي عِنْدَ مَقَابِرِ مَكَّةَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ بِمَنْزِلِهِ.
(فَصْلٌ) فَإِذَا كَانَ مُفْرِدًا احْتَاجَ إلَى الْعُمْرَةِ فَيَخْرُجُ إلَى التَّنْعِيمِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَسَاجِدُ عَائِشَةَ أَوْ مَا شَاءَ مِنْ الْجَبَلِ فَيَغْتَسِلُ وَيَتَطَيَّبُ وَيَلْبَسُ لِبَاسَ الْإِحْرَامِ، وَيَقُولُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ: نَوَيْت الْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَأَحْرَمْت بِهَا، وَيُلَبِّي وَيَتَوَجَّهُ إلَى مَكَّةَ مُلَبِّيًا فَإِذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ وَيَطُوفُ سَبْعًا كَمَا تَقَدَّمَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْعَى سَبْعًا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَقَدْ تَمَّتْ عُمْرَتُهُ وَحَلَّ وَيَلْبَسُ وَيَحِلُّ لَهُ كَمَا يَحِلُّ لِلْحَلَالِ.
(فَصْلٌ) فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لِوَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ طَافَ لِلْوَدَاعِ سَبْعًا كَمَا تَقَدَّمَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَشَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَيَأْتِي الْمُلْتَزَمَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَيَلْزَمُهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُك وَالْعَبْدَ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْت لِي مِنْ خَلْقِك حَتَّى سَيَّرْتَنِي فِي بِلَادِك وَبَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِك حَتَّى أَعَنْتَنِي عَلَى قَضَاءِ مَنَاسِكِك فَإِنْ كُنْت رَضِيت عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا وَإِلَّا فَمِنْ الْآنِ قَبْلَ أَنْ يَنْأَى عَنْ بَيْتِك دَارِي وَيَبْعُدَ عَنْهُ مَزَارِي هَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي إنْ أَذِنْت لِي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِك وَلَا بِبَيْتِك وَلَا رَاغِبٍ عَنْك وَلَا عَنْ بَيْتِك، وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ وَيَخْرُجُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَتَقَهْقَرُ؛ وَيَحْرُمُ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ الْحَرَمِ مِنْ تُرَابِهِ أَوْ أَحْجَارِهِ إلَى الْحِلِّ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِصَيْدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
(فَصْلٌ) ثُمَّ يَتَوَجَّهُ إلَى الْمَدِينَةِ لِزِيَارَةِ قَبْرِ سَيِّدِنَا سَيِّدِ الْبَشَرِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُكْثِرُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ وَالْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ فَإِذَا وَصَلَ الْمَسْجِدَ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَسَمَّى وَصَلَّى رَكْعَتَيْ التَّحِيَّةِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ثُمَّ يَقِفُ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ مُسْتَقْبِلَ الْقَبْرِ الْكَرِيمِ خَارِجَ الدَّرَابْزِينِ غَاضَّ الطَّرْفِ وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك وَسَلَّمَ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَيُكْثِرُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَنَوَّعُ بِأَدَبٍ وَهَيْبَةٍ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى صَوْبِ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ يَتَأَخَّرُ صَوْبَ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ يَعُودُ إلَى قُبَالَةِ الْمِسْمَارِ فَإِنَّهُ قُبَالَةَ وَجْهِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَدْعُو وَيَتَوَسَّلُ بِهِ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَمَسُّ الْقَبْرَ وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَلَا يَطُوفُ بِهِ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ الْقَدْرِ الَّذِي زِيدَ فِيهِ، وَيَزُورُ الْبَقِيعَ وَقُبُورَ الشُّهَدَاءِ وَقُبَاءَ وَيَشْرَبُ مِنْ بِئْرِ إدْرِيسَ؛ وَيَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَلَا يَسْتَصْحِبُ شَيْئًا مِنْ الْأُكَرِ وَالْأَبَارِيقِ الَّتِي مِنْ تُرَابِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَدَّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَوَدَّعَ النَّبِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute