للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ أَحَدَ عَشَرَ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ بَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ فَكَذَلِكَ هَذَا يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَالْخِيَارُ لِلصَّلَاحِ الْمُشْتَرِي فِي نَقْصِ الْأَحْوَالِ، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ.

وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْوَجْهِ سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا بَعْدَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ.

(الْوَجْهُ الثَّالِثُ) : لَوْ سَلَّمَ أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ بَيْعَ مِلْكِهِ وَغَيْرِهِ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - صِحَّةُ الْبَيْعِ فِي مِلْكِهِ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَيَكُونُ هُنَا الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ بَلْ لِلصَّلَاحِ الْمُشْتَرِي فِي نَقْصِ الْأَحْوَالِ، وَهِيَ فِي جَانِبِ النَّقْصِ لَا فِي جَانِبِ الزِّيَادَةِ.

وَلَا فَرْقَ فِي الْمَضْمُومِ إلَى مِلْكِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِلْكَ الْغَيْرِ، أَوْ وَقْفًا. فَقَدْ بَانَ بِهَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَبِأَنَّ بِالْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَلَا نُسَلِّمُ لَهُمْ أَنَّهُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ حَتَّى يُبْطِلُوهُ عَلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ، وَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ هَذَا بَيْعٌ صَحِيحٌ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَنَّ حُكْمَ بُرْهَانِ الدِّينِ الزَّرْعِيِّ حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ إذَا كَانَ مِلْكَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُوجِبُهُ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِنَّ الْحُكْمَ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ فَقَدْ انْدَفَعَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَيَكُونُ نَقْضُهُ بَاطِلًا بِالْإِجْمَاعِ.

(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) : أَنَّ الْعِبَارَةَ الصَّحِيحَةَ أَنْ يُقَالَ: وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفُ ثُمُنِ سَهْمٍ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَثُلُثِ سَهْمٍ مَنْسُوبَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا هِيَ جَمِيعُ الضَّيْعَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حَذْفٌ لِبَعْضِ الْكَلَامِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ.

(الْوَجْهُ الْخَامِسُ) : أَنَّ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَثُلُثَ سَهْمٍ الْمَنْسُوبَةَ يَصِحُّ عَلَيْهَا أَنَّهَا شَائِعَةٌ، وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَلِهَذَا نَقُولُ فِيهَا: إنَّهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ كَامِلٌ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا فِي أَنْفُسِهَا فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ إلَّا بِاعْتِبَارِ نِسْبَتِهَا الَّتِي كَانَتْ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْآنَ مَقْسُومَةً غَيْرَ شَائِعَةٍ، فَكَذَلِكَ تَصِحُّ عَلَى أَرْبَعَةِ سِهَامٍ وَنِصْفِ ثُمُنِ سَهْمٍ أَنَّهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا ذَلِكَ: فَإِنَّ الضَّيْعَةَ بِكَمَالِهَا إذَا جُزِّئَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ كَانَتْ هَذِهِ الْحِصَّةُ مِنْهَا هَكَذَا، وَشِيَاعُهَا مِنْ الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ.

(الْوَجْهُ السَّادِسُ) : أَنَّ الْأَرْبَعَةَ وَنِصْفَ ثُمُنِ سَهْمٍ مِنْ جَمِيعِ الضَّيْعَةِ لَيْسَتْ جَامِعَةً لِمِلْكِهِ وَلِمِلْكِ غَيْرِهِ قَطْعًا بَلْ غَايَتُهَا عَلَى مَا يَتَوَهَّمُ الْخَصْمُ أَنَّهَا جَامِعَةٌ لِبَعْضِ مِلْكِهِ وَبَعْضِ غَيْرِهِ، وَهُوَ قَدْ قَالَ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ: إنَّهَا جَامِعَةٌ مِلْكَهُ فَاسْتَحَالَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَتَعَيَّنَ أَنْ لَا يُحْمَلَ عَلَى ذَلِكَ حَذَرًا مِنْ الْحَمْلِ الْمَعْنِيِّ الَّذِي يُقْطَعُ بِتَنَاقُضِهِ.

(الْوَجْهُ السَّابِعُ) : أَنَّ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْخَصْمُ لَا يَصِحُّ مَعَهُ تَصْحِيحُ الْكَلَامِ لَا بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَلَا بِطَرِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>