للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَمَانِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى التَّقِيِّ بْنِ الصَّائِغِ وَالتَّفْسِيرَ عَلَى الْعَلَمِ الْعِرَاقِيِّ وَالْفِقْهَ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْأُصُولَ عَلَى الْعَلَاءِ الْبَاجِيِّ وَالنَّحْوَ عَلَى أَبِي حَيَّانَ وَالْحَدِيثَ عَلَى الشَّرَفِ الدِّمْيَاطِيِّ.

وَرَحَلَ وَسَمِعَ مِنْ ابْنِ الصَّوَّافِ وَالْمَوَازِينِيِّ وَأَجَازَ لَهُ الرَّشِيدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ الطَّبَّالِ وَخَلْقٌ يَجْمَعُهُمْ مُعْجَمُهُ الَّذِي خَرَّجَهُ لَهُ ابْنُ أَيْبَكَ وَبَرَعَ فِي الْفُنُونِ وَتَخَرَّجَ بِهِ خَلْقٌ فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَأَقَرَّ لَهُ الْفُضَلَاءُ وَوَلِيَ قَضَاءَ الشَّامِ بَعْدَ الْجَلَالِ الْقَزْوِينِيِّ فَبَاشَرَهُ بِعِفَّةٍ وَنَزَاهَةٍ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ إلَى الْأَكَابِرِ وَالْمُلُوكِ وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَحَدٌ مِنْ نُوَّابِ الشَّامِ إلَّا قَصَمَهُ اللَّهُ وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ والمسرورية وَغَيْرِهَا.

وَإِنْ كَانَ مُحَقِّقًا مُدَقِّقًا نَظَّارًا لَهُ فِي الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ الِاسْتِنْبَاطَاتُ الْجَلِيلَةُ وَالدَّقَائِقُ وَالْقَوَاعِدُ الْمُحَرَّرَةُ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا وَكَانَ مُنْصِفًا فِي الْبَحْثِ عَلَى قَدَمٍ مِنْ الصَّلَاحِ وَالْعَفَافِ وَصَنَّفَ نَحْوَ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ كِتَابًا مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، الْمُخْتَصَرُ مِنْهَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ مِنْ تَحْرِيرٍ وَتَدْقِيقٍ وَقَاعِدَةٍ وَاسْتِنْبَاطٍ، مِنْهَا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ وَشَرْحُ الْمِنْهَاجِ فِي الْفِقْهِ.

وَمِنْ نَظْمِهِ:

إنَّ الْوِلَايَةَ لَيْسَ فِيهَا رَاحَةٌ ... إلَّا ثَلَاثٌ يَبْتَغِيهَا الْعَاقِلُ

حُكْمٌ بِحَقٍّ أَوْ إزَالَةُ بَاطِلٍ ... أَوْ نَفْعُ مُحْتَاجٍ سِوَاهَا بَاطِلُ

وَلَهُ:

إذَا أَتَتْك يَدٌ مِنْ غَيْرِ ذِي مِقَةٍ ... وَجَفْوَةٌ مِنْ صَدِيقٍ كُنْت تَأْمُلُهُ

خُذْهَا مِنْ اللَّهِ تَنْبِيهًا وَمَوْعِظَةً ... بِأَنْ مَا شَاءَ لَا مَا شِئْتَ يَفْعَلُهُ

بَقِيَ عَلَى قَضَاءِ الشَّامِ إلَى أَنْ ضَعُفَ فَأَنَابَ عَنْهُ وَلَدَهُ التَّاجَ وَانْتَقَلَ إلَى الْقَاهِرَةِ وَتُوُفِّيَ فِيهَا بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا سَنَةَ ٧٥٦ وَدُفِنَ بِسَعِيدِ السُّعَدَاءِ بِبَابِ النَّصْرِ - أَغْدَقَ اللَّهُ عَلَى ضَرِيحِهِ سَحَائِبَ رَحْمَتِهِ وَرِضْوَانِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>