للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ مِنْ الْحَاجَةِ، أَوْ الْغِبْطَةِ، أَوْ الْمَصْلَحَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَالْوَصِيِّ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ إذَا عَرَفْت ذَلِكَ، فَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَالْحُكْمِ بِهِ دُونَ الْقِيمَةِ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ التَّقْوِيمَ حَدْسٌ، وَتَقْوِيمٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ التَّعَارُضُ إلَّا إذَا كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَتَكَلَّمْنَا فِي ذَلِكَ كَلَامًا شَافِيًا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ هَهُنَا، فَإِنْ قُلْنَا بِذَلِكَ، وَهُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا تَعَارُضَ أَصْلًا، وَهَذَا تَخْمِينٌ جَدِيدٌ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا الْمُعَارَضَةَ فَهِيَ مُعَارَضَةٌ لِلْبَيِّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَيْسَتْ رَاجِحَةً عَلَيْهَا حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ فِي الْمُهَذَّبِ، وَغَيْرِهِ فَكَيْف نُلْحِقُهَا بِهِ.

وَكَيْفَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ رَاجِحٍ، وَمَعَنَا بَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ وُجِدَ دَلِيلَانِ مُتَعَارِضَانِ فِي حُكْمٍ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُنْقِضَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ تَعَارُضَ الدَّلِيلَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْحُكْمِ فَيَكُونُ مُوجِبًا لِنَقْضِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَكُونُ تَرَجَّحَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَحَدُهُمَا فَحَكَمَ بِهِ لِرُجْحَانِهِ عِنْدَهُ، وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَى الْحُكْمِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ لَا نُقْدِمُ نَحْنُ عَلَى نَقْضِهِ إلَّا بِمُرَجِّحٍ بَلْ بِمُرَجِّحٍ قَاطِعٍ حَتَّى يُنْقَضَ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَا يُوجَدُ.

وَقَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لَمْ يَبِنْ خِلَافُهُ بَلْ عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ بِأَنَّ إشْكَالَ الْأَمْرِ عَلَيْنَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إشْكَالِ الْأَمْرِ عَلَيْنَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَنْ يُوجِبَ النَّقْضَ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ أَنْ يَصِيرَ الْأَمْرُ كَمَا لَوْ تَعَارَضَتَا قَبْلَ الْحُكْمِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِأَنَّهُ بَعْدَ نَقْضِ الْحُكْمِ هَلْ يَحْكُمُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَيَتَوَقَّفُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّا نَحْكُمُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَيِّمَ إنْ بَاعَ، وَأَشْكَلَ عَلَيْنَا الْحَالُ أَنْ نَحْكُمَ بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: بَلْ نَتَوَقَّفُ لَا نَحْكُمُ بِصِحَّةٍ، وَلَا بِبُطْلَانِ لَكِنْ إلَى أَيِّ غَايَةٍ، وَهُوَ فِيمَا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ سَهْلٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ، وَاحِدَةٌ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا.

أَمَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ فَإِنَّهُ يَصْعُبُ؛ لِأَنَّا نَبْقَى لَا إلَى غَايَةٍ، وَحَاجَةُ الْيَتِيمِ إلَى الْبَيْعِ حَاقَّةٌ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِأَقَلِّهِمَا مَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْغَبُ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ إشْهَارِهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَيِّمِ فِي أَنَّهُ أَشْهَرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ ذَلِكَ ثَمَنُ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ، وَعَامِلَ الْقِرَاضِ، وَالْبَائِعَ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا بَاعَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ بَاعُوا بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ لَنَا، وَإِنْ لَمْ نَجِدْهُ مَنْقُولًا؛ لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ، وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ: إنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ، وَادَّعَى عَلَى الْقَيِّمِ، وَالْوَصِيِّ أَنَّهُمَا بَاعَا الْعَقَارَ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، أَوْ حَاجَةٍ، أَوْ غِبْطَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا يُكَلَّفُ الْقَيِّمُ، وَالْوَصِيُّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، أَوْ الْحَاجَةِ، وَالْغِبْطَةِ الَّتِي هِيَ مُسَوِّغَةٌ لِلْبَيْعِ؛ كَمَا يُكَلَّفُ الْوَكِيلُ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوَكَالَةِ، أَمَّا ثَمَنُ الْمِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>