للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ اسْتَشْهَدَ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي اسْتَشْهَدَ بِهَا الْوَلَدُ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مَنْ شَهِدَ بِالرُّشْدِ مَا الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي شَهَادَتِهِ، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ عَدَالَتَهُ بَاطِنًا، أَوْ ظَاهِرًا، وَيَكْتَفِي بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَهَلْ يَكْتَفِي فِي اخْتِيَارِهِ، وَالشُّهْرَةِ؟ أَجَابَ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَمِنْ شُرُوطِهَا: أَنْ لَا يَكُونَ غَرِيبًا عِنْدَ الشَّاهِدِ بَلْ يَكُونُ مُتَقَدِّمَ الْمَعْرِفَةِ، وَيَكْتَفِي فِي اخْتِيَارِهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَالشُّهْرَةِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) فِي بَيِّنَتَيْ إعْسَارٍ، وَمَلَاءَةٍ تَكَرَّرَتَا كُلَّمَا شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا جَاءَتْ الْأُخْرَى فَشَهِدَتْ أَنَّهُ فِي الْحَالِ عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ هَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَبَدًا، أَوْ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ. أَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ إذَا لَمْ يَنْشَأْ مِنْ تَكْرَارِهَا رِيبَةٌ، وَلَا تَكَادُ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ تَخْلُو عَنْ الرِّيبَةِ إذَا تَكَرَّرَتْ؛ لِأَنَّ قَبُولَهَا مُنْحَصِرُ الْجِهَةِ فِي تَقْدِيرِ إثْبَاتِهَا طَرَيَانَ الْإِعْسَارِ بَعْدَ الْمَلَاءَةِ لَا عَلَى تَقْدِيرِ مُعَارَضَتِهَا بَيِّنَةَ الْمَلَاءَةِ عَلَى الْمُنَاقَضَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا تُقْبَلُ لِتَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الْمَلَاءَةِ حِينَئِذٍ، وَلَيْسَ هَكَذَا بَيِّنَةُ الْمَلَاءَةِ فَإِنَّهَا مَقْبُولَةٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، وَمَعْمُولٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مَا يُشْهَدُ بِهِ مَلَاءَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدٍ، وَعِنْدَ هَذَا، فَإِذَا تَكَرَّرَتْ بَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ فَقَدْ أَثْبَتَ فَعَادَتْ مَلَاءَةُ الْإِعْسَارَاتِ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ عَنْ الرِّيبَةِ. هَذَا كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ

كُتِبَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِدِمَشْقَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي اشْتِمَالِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى زِيَادَةِ تَارِيخٍ: إنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ تَرْجِيحُ أَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي فِي يَدِ ثَالِثٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَقَامَتْ بَيِّنَتَانِ مُخْتَلِفَتَا التَّارِيخِ، وَجَعَلْنَا سَبْقَ التَّارِيخِ مُرَجِّحًا فَثَلَاثَةُ، أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا تَرْجِيحُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ تَتَسَاوَيَانِ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَتَتَسَاقَطَانِ فِيهِ، وَتَبْقَى مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الْيَدُ، وَمِنْ الْآخَرِ إثْبَاتُ الْمِلْكِ السَّابِقِ، وَالْيَدُ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ السَّابِقِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تُزَالُ بِهَا

وَالثَّانِي تَرْجِيحُ السَّبْقِ؛ لِأَنَّ مَعَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحًا مِنْ وَجْهِ الْبَيِّنَةِ، وَمَعَ الْآخَرِ تَرْجِيحًا مِنْ جِهَةِ الْيَدِ، وَالْبَيِّنَةُ تَتَقَدَّمُ عَلَى الْيَدِ فَكَذَلِكَ التَّرْجِيحُ مِنْ وَجْهِ الْبَيِّنَةِ يَتَرَجَّحُ عَلَى التَّرْجِيحِ مِنْ جِهَةِ الْيَدِ، وَالثَّالِثُ تَتَسَاوَيَانِ لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: إذَا ادَّعَى دَارًا، أَوْ عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَشَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ بِالْأَمْسِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ نَقَلَ الْمُزَنِيّ وَالرَّبِيعُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ، وَلَا يُحْكَمُ بِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ السَّابِقِ لَا تُسْمَعُ فَكَذَا الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يَعُوقُ الْمِلْكَ سَابِقًا إنْ اقْتَضَى بَقَاؤُهُ فَيَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصَرُّفُهُ يَدُلُّ عَلَى الِانْتِقَالِ إلَيْهِ فَلَا يَحْصُلُ ظَنُّ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْيَدَ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَمْسِ، وَالْمَقُولَيْنِ تَعَلَّقَا بِالْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا أُرِّخَتْ الْبَيِّنَتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>