- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَمَرَنَا بِالْمُؤَاجَرَةِ، وَقَالَ: نَأْمُرُ» . فَهَاتَانِ الطَّرِيقَتَانِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُزَارَعَةِ، وَالْأَمْرُ بِالْمُؤَاجَرَةِ يُخَالِفُ مَا فَهِمْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الطَّرِيقِ الْأُولَى بِالْمُؤَاجَرَةِ وَصَرَّحَ بِهَا فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ أَمَرَ يَعْنِي بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتٌ عَنْ ابْنِ الضَّحَّاكِ فَإِنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فَلَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ الْمُزَارَعَةِ هِيَ الَّتِي كَانَتْ تُفْعَلُ مَعَ الْغَرَرِ، وَالْجَهَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ رَافِعٍ فَيَكُونُ النَّهْيُ خَاصًّا بِهَا.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو «أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ لِطَاوُسٍ: انْطَلِقْ بِنَا إلَى ابْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَاسْمَعْ مِنْهُ الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَانْتَهَرَهُ قَالَ: إنِّي وَاَللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ مَا فَعَلْتُهُ وَلَكِنْ حَدَّثَنِي مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَأَنْ يَمْنَحَ الرَّجُلُ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا خَرْجًا مَعْلُومًا» .
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ طَاوُسٍ «عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يُخَابِرُ قَالَ عَمْرٌو: فَقُلْت لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ تَرَكْت هَذِهِ الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَقَالَ أَيْ عَمْرٌو: أَخْبَرَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَلِكَ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْهَ عَنْهَا إنَّمَا قَالَ: يَمْنَحُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ خَرْجًا مَعْلُومًا» هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ حَدِيثِ رَافِعٍ النَّهْيَ عَنْ الْمُخَابَرَةِ فَلَعَلَّهُمْ يُطْلِقُونَ الْمُخَابَرَةَ عَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ثنا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ ح وَثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ ح وَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ أَنْبَأَ اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ح وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ شَرِيكٍ عَنْ شُعْبَةَ كُلِّهِمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ عَبْدٌ أَنَا، وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ أَرْضَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا كَذَا، وَكَذَا لِشَيْءٍ مَعْلُومٍ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْحَقْلُ، وَهُوَ بِلِسَانِ الْأَنْصَارِ الْمُحَاقَلَةُ» .
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فِيهِ فَائِدَةٌ عَظِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ عَلَيْهَا جَائِزٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute