للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ إنْ قُلْنَا: الْإِقَالَةُ عَقْدٌ فَالْمَنَافِعُ تَعُودُ إلَى الْبَائِعِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا فَسْخٌ فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَعُودُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ دَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ بِلَا خِلَافٍ.

قُلْت وَقَوْلُهُ بِلَا خِلَافٍ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَلَنَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى بِخِلَافِ الْخِلَافِ فِي الْإِقَالَةِ فَفِي وَجْهٍ هِيَ رَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ حِينِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي وَجْهٍ هِيَ رَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْوَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ مَشْهُورَانِ فِي الْإِقَالَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَافَ فِيهَا الرَّافِعِيُّ وَلَكِنَّ الرَّفْعَ مِنْ حِينِهِ فِيهَا أَقْوَى مِنْهُ فِي الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَصَحَّ فِيهَا. وَبِالْجُمْلَةِ خَرَجَ لَنَا وَجْهٌ فِي مَسْأَلَتِنَا فِي أَنَّ بَقِيَّةَ الْمَنَافِعِ يَرْجِعُ بِالْإِقَالَةِ إلَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَسْخٌ كَمَا هُوَ جَارٍ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ فِيهِمَا ضَعِيفًا، أَوْ قَوِيًّا فَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا الْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَسْخٌ فَلَا يَتَأَتَّى، وَأَمَّا عَوْدُهَا إلَى الْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ فَلَا شَكَّ فِيهِ لَكِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ لَيْسَ هُوَ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا تَصْحِيحُ الْمُتَوَلِّي عَلَى قَوْلِنَا بِالْفَسْخِ أَنَّ الْمَنَافِعَ تَعُودُ إلَى الْبَائِعِ فَبِحَسَبِ مَا بَنَاهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ هَلْ يَسْلَمُ لَهُ هَذَا التَّصْحِيحُ، أَوْ لَا انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّ الْفَسْخَ كَأَنْ يُرَدَّ بِعَيْبٍ ظَهَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْأَصْلُ، وَالْقَوْلُ رُجُوعُ الْمَنَافِعِ فِيهَا إلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَدَّادِ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِيمَا أَظُنُّ وَخَالَفَهُ أَبُو زَيْدٍ فَقَالَ: إنَّهَا تَرْجِعُ إلَى الْبَائِعِ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَكَلَامُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْإِمَامِ يَقْتَضِيهِ، لَكِنَّ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى طَرِيقَةِ الْمَرَاوِزَةِ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ وَاسْتِثْنَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّ بَيْعَ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِثْلُهَا.

وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَنْفَعَةِ تُبْطِلُ الْبَيْعَ، وَإِنَّ بَيْعَ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ صَحِيحٌ فَلَا، لِأَجْلِ ذَلِكَ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ فِي التَّصْحِيحِ بِذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لَهُ صِحَّتُهُ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ الْمَرَاوِزَةَ فِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَهُوَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُسْتَنَدًا فِي تَصْحِيحِهِ أَكْثَرَ مِنْ حِكَايَةِ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ، وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ، وَمِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ طَلَاقِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ حَيْثُ تَعُودُ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ إلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَمْ تَزُلْ عَنْ مِلْكِ السَّيِّدِ لِلزَّوْجِ بِالتَّزْوِيجِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ وُطِئَتْ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا دُونَ الزَّوْجِ، وَإِذَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّزْوِيجِ انْتَقَلَ بِالْبَيْعِ إلَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ مِلْكُهُ لِلْبَائِعِ، وَالْبَائِعُ مَعَ مِلْكِهِ كَذَلِكَ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهِ فَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي.

فَإِذَا زَالَ حَقُّ زَوْجِ الْأَمَةِ زَالَتْ الْمَنَافِعُ فَعُمِلَ بِالْمُقْتَضَى وَلَا كَذَلِكَ الْإِجَارَةُ فَإِنَّهَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَنْفَعَةِ فِي الْمَرَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>