إنْ قُلْنَا: الْإِجَارَةُ بَيْعٌ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ: الْإِجَارَةُ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ، فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَمَّا الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارَانِ إذْ لَا يَحْذَرُ فَوَاتَ مَنْفَعَةٍ.
وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي كُلِّ مُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَمٍ وَصَرْفٍ وَإِجَارَةٍ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: الْإِجَارَةُ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ يَثْبُتُ كَالْبَيْعِ، وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقُ وَابْنُ خَيْرَانَ لَا يَثْبُتُ لِلْغَرَرِ، وَبِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ.
أَجَابَ صَاحِبُ الْكِتَابِ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَشَيْخُهُ الْكَرْخِيُّ وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ، وَالْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْأَصَحَّ هُوَ الثَّانِي، وَعَنْ الْقَفَّالِ فِي طَائِفَةٍ أَنَّ الْخِلَافَ إجَارَةُ الْعَيْنِ أَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا مَحَالَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالسَّلَمِ حَتَّى يَجِبَ فِيهَا قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ: الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الْعَيْنِ تَارَةً تَكُونُ مُقَدَّرَةً بِالْعَمَلِ وَتَارَةً بِالزَّمَانِ، وَالْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمُقَدَّرِ بِالْعَمَلِ فِي طَرِيقَةِ الْعِرَاقِ وَالْمُخْتَارُ فِي الْمُرْسَلِ مِنْهَا الثَّالِثُ أَمَّا الْمُقَدَّرَةُ بِالزَّمَانِ فَالْمَذْكُورَةُ فِي طَرِيقِ الْعِرَاقِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَفِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بَعْضُ الْمُدَّةِ، وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الْقَفَّالِ الْخِلَافَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَيْضًا وَبِهِ تَنْظِيمُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي هَذِهِ أَيْضًا.
وَقَالَ الْمَرْعَشِيُّ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي سَائِرِ بُيُوعِ الْأَعْيَانِ وَفِي الْإِجَارَةِ لِأَصْحَابِنَا قَوْلَانِ ثُمَّ قَالَ وَخِيَارُ الثَّلَاثِ فِي سَائِرِ الْمُبَايَعَاتِ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: الْإِجَارَةِ، وَالصَّرْفِ، وَالسَّلَمِ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْإِجَارَةِ وَجْهَانِ وَجْهُ الثُّبُوتِ أَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَازِمَةٌ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ الْمَنْعُ لِلْغَرَرِ وَخَصَّصَ بَعْضُهُمْ الْوَجْهَيْنِ بِإِجَارَةِ الْعَيْنِ وَجَزَمَ بِثُبُوتِهِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالسَّلَمِ.
وَإِذَا أَثْبَتْنَا فِي إجَارَةٍ فَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ، أَوْ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي.
وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي الْإِجَارَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَقَالَ الْقَمُولِيُّ لَمَّا حَكَى الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ ثَالِثُهَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ دُونَ الشَّرْطِ قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَلِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ انْصِرَافُهُ عَنْ قُرْبٍ، أَمَّا فِي إجَارَةِ الذِّمَمِ فَلْتُنَزِّلْهَا مَنْزِلَةَ السَّلَمِ، قَالَ: وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي نَوْعَيْ الْإِجَارَةِ عَلَى الذِّمَّةِ فَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ تَعْجِيلٍ قَطْعًا، قَالَ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ ثُبُوتَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِي الْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْمُدَّةِ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ عَدَمَ ثُبُوتِهِ مُطْلَقًا قَالَ فَتَنَاقَضَا.
وَقَدْ تَلَخَّصَ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى