للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمُدَّةِ فَإِجَارَةُ الْعَيْنِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْمُدَّةِ كَأَجَّرْتُكَ دَارِي، أَوْ عَبْدِي شَهْرًا، أَوْ اسْتَأْجَرْت عَيْنَك لِتَبْنِيَ لِي شَهْرًا قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْغَرَرِ وَلِتَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ، وَفِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْمَذْهَبُ دُخُولُهُ وَوَافَقَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَسُلَيْمٌ وَالْجُرْجَانِيُّ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْغَزَالِيُّ فَرَجَّحُوا ثُبُوتَهُ وَفِي طَرِيقَةِ الْمَرَاوِزَةِ إجْرَاءُ الْخِلَافِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَإِجَارَةِ الْعَيْنِ الْمُقَدَّرَةِ بِالْعَمَلِ كَأَجَّرْتُكَ دَابَّتِي لِتَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ كَذَا وَاسْتَأْجَرْتُك لِتَعْمَلَ لِي كَذَا، فِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مَشْهُورَةٍ ثَالِثُهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ ثَبَتَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ دُونَ الشَّرْطِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّنْبِيهِ تَرْجِيحُ ثُبُوتِهِمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ التَّسْلِيمَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ الْعَمَلِ لَمْ يَنْفَسِخْ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَمُخْتَارُ الْإِمَامِ يَنْفَسِخُ وَفِي الْأَوَّلِ يَنْفَسِخُ قَطْعًا وَإِجَارَةُ الذِّمَّةِ كَاسْتَأْجَرْتُ مِنْك ظَهْرًا صِفَتُهُ كَذَا إنْ أَلْحَقْنَاهَا بِالسَّلَمِ يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ دُونَ الشَّرْطِ وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ، وَالْأَفْضَلُ لَا يَثْبُتَانِ لِلْغَرَرِ وَقِيلَ يَثْبُتَانِ لِعَدَمِ تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي الْإِجَارَةِ سَوَاءً كَانَتْ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ. وَإِطْلَاقُ الْكِتَابِ يُوَافِقُهُ وَالْمُتَخَيَّلُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَصْحِيحُ ثُبُوتِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ.

(مَسْأَلَةٌ مِنْ دِمْيَاطَ) أَرْضٌ مَشْغُولَةٌ بِأَشْجَارِ مَوْزٍ بَيْنَ الْأَشْجَارِ أَرْضٌ مَكْشُوفَةٌ اسْتَأْجَرَهَا رَجُلٌ لِلزِّرَاعَةِ وَسَاقَى عَلَى الْأَشْجَارِ عَلَى الْعَادَةِ، وَالْأَرْضُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا لِلزِّرَاعَةِ؛ لِأَنَّ ظِلَّ الشَّجَرِ يَمْنَعُ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ؟

(أَجَابَ) لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ زَائِدَةً عَلَى مَا يَحْتَاجُ إلَى دُخُولِهِ لِتَعَهُّدِ الْأَشْجَارِ فَيَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِ الزَّائِدِ فَقَطْ إذَا وَضَعَ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِلزِّرَاعَةِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الزِّرَاعَةُ فَظَاهِرٌ، أَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَعْدَ تَفْوِيتٍ مِنْهُ لِدُخُولِ الْأَرْضِ فِي يَدِهِ الَّتِي أُعَوِّلُ إنْ صَحَّحْنَا الْمُسَاقَاةَ عَلَى الْعَيْنِ فَهُوَ يَسْتَحِقُّ الْيَدَ فَدُخُولُهُ الْأَرْضَ مُسْتَحَقٌّ بِحُكْمِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَلَا نُجْرِيهِ أُجْرَةً، وَإِنْ لَمْ نُصَحِّحْ الْمُسَاقَاةَ وَعَلَى الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَهُوَ قَبْضُهَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَضْمَنْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسَائِلُ أُخْرَى جَرَتْ فِي الْمِيعَادِ) قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ تَعَالَى «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>