للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهُ تَعَالَى لِطَاعَتِهِ فِي رَجُلٍ حَبَسَ أَمَاكِنَ وَجَعَلَ النَّظَرَ فِيهَا مِنْ بَعْدِهِ لِابْنَتِهِ لِصُلْبِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا لِأَوْلَادِهَا يُنْظَرُ مِنْهُمْ أَصْلَحُهُمْ حَالًا لَا يَزَالُ ذَلِكَ فِيهِمْ الْأَصْلَحُ فَالْأَصْلَحُ أَبَدًا مَا عَاشُوا وَتَنَاسَلُوا، فَإِنْ انْقَرَضُوا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ يَنْتَقِلُ النَّظَرُ مِنْ بَعْدِهِمْ لِبَنَاتِ ابْنَتِهِ الْمَذْكُورَةِ الصَّالِحَةُ مِنْهُنَّ مُقَدَّمَةٌ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهَا لَا يَزَالُ ذَلِكَ فِيهِنَّ مَا تَنَاسَلْنَ الصَّالِحَةُ مِنْهُنَّ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ انْقَرَضْنَ عَلَى آخِرِهِنَّ انْتَقَلَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا الْأَصْلَحُ فَالْأَصْلَحُ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ فِي آبَائِهِمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَجِيلًا بَعْدَ جِيلٍ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَمَنْ صَلُحَ حَالُهُ مِنْ كُلِّ طَبَقَةٍ عُلْيَا كَانَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ لَا يَزَالُ ذَلِكَ فِيهِمْ مَا دَامُوا وَتَنَاسَلُوا، فَإِنْ انْقَرَضُوا عَنْ آخِرِهِمْ صَارَ النَّظَرُ مِنْ بَعْدِهِمْ لِبَنَاتِ بَنَاتِ ابْنَتِهِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِنَّ الذُّكُورِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَجِيلًا بَعْدَ جِيلٍ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى هَلْ يَكُونُ النَّظَرُ لِبِنْتِ بِنْتِهِ؟

(أَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ مَا أَخْبَرْتُهُ بِالْإِشْكَالِ الَّذِي وَقَعَ فِي هَذِهِ الْفَتْوَى بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة الْمَحْرُوسِ وَامْتِنَاعِ أَهْلِ الثَّغْرِ مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَيْهَا وَكَتَبَ خَطَّهُ الْكَرِيمَ فِي أَصْلِ الِاسْتِفْتَاءِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ مِنْ الثَّغْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَا مِثَالُهُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ النَّظَرُ فِي هَذَا الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لِبِنْتِ بِنْتِهِ وَلَا نَظَرَ لِابْنِ ابْنِ بِنْتِهِ حَتَّى تَنْقَرِضَ بِنْتُ الْبِنْتِ. وَمُقْتَضَى هَذَا الْوَقْفِ أَنَّ كُلَّ طَبَقَةٍ تَحْجُبُ الَّتِي تَحْتَهَا، وَأَنَّ كُلَّ طَبَقَةٍ مُقَدَّمُونَ ذُكُورُهَا عَلَى إنَاثِهَا وَلَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ قَلَقٌ فَنُوَضِّحُهُ وَنُبَيِّنُ أَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قُلْنَا:

قَوْلُهُ لِابْنَتِهِ لِصُلْبِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا لِأَوْلَادِهَا إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْأَوْلَادِ الذُّكُورَ فَقَطْ اسْتِعْمَالًا لِلْعَامِّ فِي الْخَاصِّ وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ الذُّكُورِ مِنْهُمْ فَقَطْ بِقَوْلِهِ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ أَصْلَحُهُمْ وَبِقَوْلِهِ الْأَصْلَحُ فَالْأَصْلَحُ فَإِنَّهَا صِيغَةٌ تَخُصُّ الذُّكُورَ ظَاهِرًا وَيَرْجِعُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ انْقَرَضُوا عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ إلَى الْأَوْلَادِ الْمُرَادِ بِهِمْ الذُّكُورُ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي إلَى الذُّكُورِ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادِ ابْنَتِهِ يَنْتَقِلُ النَّظَرُ لِبَنَاتِ بِنْتِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بَنَاتُ الِابْنِ شَيْئًا مِنْ النَّظَرِ مَا لَمْ يَنْقَرِضْ بَنُو الْبِنْتِ، وَالْمُرَادُ مِنْ بَنِي الْبِنْتِ الطَّبَقَةُ الْأُولَى مِنْهُمْ وَلَا يَنْدَرِجُ فِيهِمْ أَوْلَادُهُمْ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّهُمْ مُؤَخَّرُونَ عَنْ بَنَاتِ ابْنَتِهِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَحْكُمَ بِدُخُولِهِمْ لَهُمْ قَبْلَهُنَّ وَإِلَّا تَنَاقَضَ الْكَلَامُ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مَا قُلْنَاهُ وَلَيْسَ فِيهِ الْإِخْرَاجُ، قَوْلُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَهِيَ لَفْظَةٌ قَلِقَةٌ صَدَرَتْ عَنْ سُوءِ كِتَابَةٍ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهَا مَا عَاشُوا وَأَرْدَفَهَا بِهَا تَأْكِيدًا وَحَمْلُهَا عَلَى هَذَا أَوْلَى مِنْ تَنَاقُضِ الْكَلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>