للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَخَلَّفَ أَوْلَادًا ثُمَّ مَاتَ الْمُقِرُّ الْمَذْكُورُ فَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ الْمَذْكُورُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَهَلْ تَنْتَقِلُ حِصَّتُهُ إلَى عَائِشَةَ أَوْ إلَى أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ؟

(الْجَوَابُ) يَنْتَقِلُ نَصِيبُ عَلِيٍّ إلَى أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ عَسَاهُ يَكُونُ مِنْ أَوْلَادِ عَائِشَةَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ وَيَشْتَرِك فِيهِ الْعَدَدُ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا أَوْلَادُ مُحَمَّدٍ انْفَرَدُوا بِهِ وَإِنْ حَدَثَ لِعَائِشَةَ أَوْلَادٌ شَارَكُوهُمْ لَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ بَلْ يُقَسَّمُ مَجْمُوعُ النَّصِيبِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الْجَمِيعِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ مَاتَتْ عَائِشَةُ وَلَهَا أَوْلَادٌ كَانَ مَجْمُوعُ الْوَقْفِ بَيْنَ الْجَمِيعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَلَا أَوْلَادَ لَهَا اسْتَقَلَّ أَوْلَادُ مُحَمَّدٍ بِجَمِيعِ الْوَقْفِ، فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَا تَسْتَقِلُّ عَائِشَةُ بِهِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ زَيْدٌ صَرَفَ لِعَمْرٍو، قُلْت؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ شَرْطٌ فِي الِانْتِقَالِ لِلْفُقَرَاءِ مَوْتُ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهُنَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الِانْتِقَالِ إلَى أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ وَعَائِشَةَ وَعَلِيٍّ إلَّا مَوْتَ مُحَمَّدٍ وَقَدْ وُجِدَ، فَإِنْ قُلْت لِمَ لَا يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ. قُلْت: قَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالُ الدِّينِ فَقَالَ: نَصِيبُ عَلِيٍّ لَا يَنْتَقِلُ إلَى أُخْتِهِ عَائِشَةَ وَلَا إلَى أَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ بَلْ الْوَقْفُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ، وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِمَا قَدَّمْت أَنَّ مَوْتَ عَائِشَةَ لَيْسَ شَرْطًا فِي ذَلِكَ وَكَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ وَالْأَمْرُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَأَمَّا هُنَا فَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ، فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ لِمُحَمَّدٍ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ مُحَمَّدٍ يَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْأَوْلَادِ فِي حَيَاةِ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ. قُلْت: نَحْنُ نَتَمَسَّكُ بِاللَّفْظِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ أَقْوَى وَهُوَ قَدْ صَرَّحَ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا انْتَقَلَ لِمُحَمَّدٍ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا إذَا مَاتَ الْآخَرُ وَمَا إذَا لَمْ يَمُتْ وَأَنَا لَمْ آخُذْ الصَّرْفَ إلَى أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِ مُحَمَّدٍ يَكُونُ الْجَمِيعُ لِأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ فِي مَوْتِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي حَيَاةِ الْآخَرِ أَوْ لَا فَكَذَلِكَ قُلْت: إنَّهُ لَمْ يَشْتَرِكْ فِيهِ أَوْلَادُ مُحَمَّدٍ وَعَائِشَةَ؛ لِأَنَّ النَّصِيبَ الَّذِي كَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَجْمُوعِ الَّذِي حَكَمَ بِانْتِقَالِهِ بِمَوْتِ مُحَمَّدٍ لِأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ فَإِعْمَالُ اللَّفْظِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَا مُعَارِضَ لَهُ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ الْمُخْتَصُّ بِعَائِشَةَ الْمَوْجُودَةِ عَارَضْنَا فِيهِ اخْتِصَاصَهَا بِهِ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَعْمَلْ اللَّفْظُ الثَّانِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا دَامَتْ عَائِشَةُ مَوْجُودَةً فَإِذَا مَاتَتْ عَمِلْنَاهُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا إلَّا تَقْيِيدُ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُلْنَا الْمُرَادُ إذَا مَاتَ مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَوْجُودًا؛ لِأَنَّهُ إضْمَارُ جُمْلَةٍ وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ تَجْوِيزِهِ مَرْجُوحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّقْيِيدِ وَالتَّخْصِيصِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.، فَإِنْ قُلْت: فَقُلْ بِانْتِقَالِ نَصِيبِ عَائِشَةَ أَيْضًا فِي حَيَاتِهَا إلَى الْأَوْلَادِ بِمَوْتِ مُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>