للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَوَّلَ أَلْغَيْنَا الثَّانِي بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ انْقِسَامُ الْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ إلَى أَقْرَبَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَإِلَى غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ سَوَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

(الْمَأْخَذُ الثَّانِي) : أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ التَّعَارُضُ الْمَذْكُورُ تَنَاوَلَ قَوْلَهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ عَلَى تَخْصِيصِ قَوْلِهِ يَعُودُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ وَالْجُمْلَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ يَعُودُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ: مَجِيءُ زَيْدٍ مَسْبُوقًا بِعَمْرٍو فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى تَقَدُّمِ مَجِيءِ عَمْرٍو كَذَلِكَ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّرَجَةِ وَإِنَّمَا دَعَانَا إلَى ذَلِكَ تَعَذُّرُ حَمْلِهِ عَلَى التَّخْصِيصِ لِلْأَعْيَانِ فِي الدَّرَجَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَنْقَسِمُ إلَى الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِ.

(الْمَأْخَذُ الثَّالِثُ) أَنَّهُمَا لَمَّا تَعَارَضَا وَجَبَ تَرْكُهُمَا وَالْأَخْذُ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْوَقْفِ أَنَّهُ عَلَى الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ وَانْتَقَلَ نَصِيبُ غَيْرِ عَبْدِ اللَّهِ إلَى وَلَدِهِ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ فَلَمَّا مَاتَ ذَلِكَ الْوَلَدُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا لَفْظٌ سَالِمٌ عَنْ الْمُعَارِضِ يَدُلُّ عَلَى حَالِ نَصِيبِهِ وَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى عَمِّهِ عَمَلًا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ الَّذِي اقْتَضَى اسْتِحْقَاقَهُ إيَّاهُ قَبْلَ هَذَا الْمَيِّتِ وَكَانَ اللَّفْظُ الْمُقْتَضِي لِاسْتِحْقَاقِ الْمَيِّتِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ مُخَصَّصًا لِذَلِكَ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَقَدْ زَالَ شَرْطُهُ.

(الْمَأْخَذُ الرَّابِعُ) : أَنْ لَا يَجْعَلَ فِي اللَّفْظِ مُعَارِضًا بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ نَقُولُ قَوْلَهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أَوْلَادِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ وَنَسْلِهِ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ وَمَا فَوْقَهُمَا؛ لِأَنَّ صِيغَةَ " مِنْ " مَوْضُوعَةٌ لِذَلِكَ وَيَشْمَلُ كُلَّ فَرْدٍ وَمَجْمُوعَ الْأَفْرَادِ فَإِذَا مَاتَ ابْنُهُ وَابْنُ ابْنِهِ وَابْنُ ابْنِ ابْنِهِ كُلٌّ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ دَخَلَ مَجْمُوعُهُمْ فِي ذَلِكَ وَاقْتَضَى لَفْظُهُ أَنْ تَعُودَ أَنْصِبَاؤُهُمْ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِمْ وَهُمْ مُنْضَمُّونَ إلَى عَالٍ وَسَافِلٍ فَيَصِحُّ انْقِسَامُهُمْ إلَى أَقْرَبَ وَغَيْرِ أَقْرَبَ وَحِينَئِذٍ يَسْتَحِقُّ الْأَقْرَبُ كَمَا قُلْنَاهُ.

وَهَذَا أَحْسَنُ الْوُجُوهِ وَأَسْلَمُهَا عَنْ التَّكَلُّفِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ التَّعَارُضِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ قِيلَ: مَبْنَى هَذَا الْكَلَامِ كُلِّهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُرَادُ بِهِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْمُرَادَ الْمَيِّتُ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْعَمُّ أَقْرَبَ بَلْ الْأَخُ وَلَا يُشَارِكُهُ ابْنُ الْعَمِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسَاوٍ فِي الْقُرْبِ لِلْأَخِ وَإِنْ سَاوَاهُ فِي الدَّرَجَةِ. قُلْت: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْأَقْرَبُ إلَى الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْوَقْفُ أَوَّلًا وَقَصَدَ بِهِ لِأُمُورٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ فِي هَذَا الْوَقْفِ بِخُصُوصِهِ أَعَادَ اسْمَهُ فَقَالَ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أَوْلَادِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>