للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِقْرَارِ بِالْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ اتَّصَلَ بِهِ كِتَابٌ مُتَأَخِّرُ التَّارِيخِ ثَبَتَ فِيهِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى قَاضٍ أَنَّ الْمَكَانَ وَقْفٌ عَلَى الْإِخْوَةِ الْأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ بَدْرِ الدِّينِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ عَقِبٍ فَنَصِيبُهُ لِعَقِبِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَا عَقِبَ لَهُ فَلِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ.

(الْجَوَابُ) مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ مِنْ أُمٍّ يُصْرَفُ لِلْأَخِ الشَّقِيقِ وَأَخٍ مِنْ أَبِيهِ يُقَدَّمُ الشَّقِيقُ عَلَى الَّذِي مِنْ أَبٍ بِاتِّفَاقِ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ بَعِيدٌ مَرْدُودٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالنِّكَاحِ وَلَا يَكَادُ هَذَا الْخِلَافُ يَثْبُتُ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ فِي الْأَخِ لِلْأَبِ وَأَمَّا الْأَخُ مِنْ الْأُمِّ فَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ فِيهِ خِلَافًا وَإِنْ رَامَ أَحَدٌ إثْبَاتَ خِلَافٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ سَوَاءٌ فَالْأَخُ لِلْأَبِ يُسَاوِي الشَّقِيقَ عِنْدَ قَوْمٍ يَلْزَمُ مُسَاوَاةُ الْأَخِ لِأُمٍّ الشَّقِيقَ عِنْدَهُمْ فَيَحْتَاجُ الَّذِي يَرُومُ هَذَا بِالتَّرْكِيبِ إلَى إثْبَاتِ أَنَّ الْمُسَوِّيَ بَيْنَ الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْأَخِ لِلْأُمِّ يَقُولُ بِمُسَاوَاةِ الشَّقِيقِ لِلْأَخِ لِلْأَبِ وَيَقُولُ بِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي قَدْرِ الْمُسَاوَاةِ وَيَصْعُبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَلَى ضَعِيفٍ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ، وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْمَذَاهِبِ تَقْدِيمُ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِمَنْقُولٍ لَا قَوْلًا وَلَا وَجْهًا وَلَا رِوَايَةً وَلَا عَنْ عَالِمٍ مَعْرُوفٍ وَلَا فَقِيهٍ مُصَرَّحٍ بِهِ. فَإِنْ قُلْتَ قَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ إنَّ الْإِخْوَةَ كُلَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ وَلَكِنَّ الشَّقِيقَ أَقْوَى.

قُلْتُ هَذَا خَلْطٌ فَإِنَّ أَقْرَبَ: أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ وَهِيَ تَقْتَضِي زِيَادَةً فِي الْقُرْبِ وَالشَّقِيقُ ذُو قَرَابَتَيْنِ فَهُوَ أَزْيَدُ مِنْ ذِي قَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ نَعَمْ الْأَخُ لِلْأَبِ أَقْوَى مِنْ الْأَخِ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ وَمُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَرَابَةِ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ فِي دُخُولِهِ فِي مُطْلَقِ اسْمِ الْقَرَابَةِ خِلَافٌ؛ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ أَنَّ الْأَبْوَابَ كُلَّهَا لَيْسَتْ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ بَلْ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ مُقَدَّمٌ فِي الْمِيرَاثِ قَطْعًا عَلَى الْأَخِ مِنْ الْأَبِ وَفِيهِمَا فِي النِّكَاحِ خِلَافٌ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا الْقَطْعُ بِتَقْدِيمِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَقِيلَ قَوْلَانِ كَالنِّكَاحِ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مَرْدُودَةٌ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافٌ فِي الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْوَقْفِ بَلْ قَطَعُوا بِالتَّقْدِيمِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْأَخِ الشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ أَمَّا مَعَ الْأَخِ لِلْأُمِّ فَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ قَالُوا إنَّهُ أَقْرَبُ.

فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ أَقْرَبُ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي مُشَارَكَةَ الْأَخِ لِلْأُمِّ فِي الْقَرَابَةِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ مِنْ الْقَرَابَةِ.

قُلْتُ لَا إشْكَالَ فِي حُصُولِ مَعْنَى الْقَرَابَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ اسْمَ الْقَرَابَةِ إذَا أُطْلِقَ هَلْ يَشْمَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>