للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْلَا دُخُولُهُمْ لَمَا حَكَمَ لَهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَأَوْلَادِ الْإِنَاثِ فَأَوْرَدَ الْحُكْمَ فِي مَحَلِّ اشْتِرَاطِ النَّظَرِ عَلَى ذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ هُوَ النَّظَرُ لَا دُخُولُ هَذَا الشَّخْصِ فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّظَرِ لِشَخْصٍ دُخُولُهُ.

قُلْنَا اللَّازِمُ دُخُولُهُ أَوْ اعْتِقَادُ دُخُولِهِ وَالْحُكْمُ بِدُخُولِهِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي مُسْلِمَانِ وَلَا يَحْصُلُ مِنْهُمَا الْمَقْصُودُ وَالثَّالِثُ مَمْنُوعٌ.

(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الَّذِي حَكَمَ لَهُ الْحَنَفِيُّ مُرْتَكِبٌ فِسْقًا مُقَارِنًا الْحُكْمَ أَوْ طَارِئًا بَعْدَهُ وَذَلِكَ الْفِسْقُ لَا يَقْدَحُ فِي الْأَرْشَدِيَّةِ عَلَى مَذْهَبِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنَّهُ يَقْدَحُ فِي النَّظَرِ فَهَلْ يَقْدَحُ فِي الْحُكْمِ إذَا كَانَ مُقَارِنًا لَهُ وَيَرْفَعُهُ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاطِهِ فِي النَّظَرِ.

(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) إذَا كَانَ الْأَرْشَدُ فَاسِقًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَ الْفِسْقُ طَارِئًا فَهَلْ يَنْتَقِلُ النَّظَرُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يَقُومَ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِالصِّفَةِ الَّتِي شَرَطَهَا الْوَاقِفُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَوَجْهُ هَذَا الْبَحْثِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ إنَّ الْغَيْبَةَ فِي النِّكَاحِ لَا تَنْقُلُ الْوِلَايَةَ إلَى الْأَبْعَدِ بَلْ يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ وَالصَّبِيُّ وَالْفِسْقُ وَالسَّفَهُ وَنَحْوُهَا تُنْقِلُ إلَى الْأَبْعَدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ سَالِبَةُ الْأَهْلِيَّةِ دُونَ الْأُولَى، وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْأَهْلِيَّةَ لِلنَّظَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّرْعِ لَيْسَتْ لِلْفَاسِقِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ حَاصِلَةٌ بِوَصْفِ الْأَرْشَدِيَّةِ فَهَلْ نَقُولُ إنَّ بِحُصُولِ الصِّفَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلْوَاقِفِ هُوَ كَالْأَهْلِ لَكِنْ تَعَدَّتْ مُبَاشَرَتُهُ لِشَرْطِ الشَّرْعِ فَيَقُومُ الْحَاكِمُ مَقَامَهُ أَوَّلًا فَيَنْتَقِلُ لِمَنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَهُ، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُ وَغَيْرَ الْحَاكِمِ فِيهِ النَّظَرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

(خَاتِمَةٌ) قَدْ عُرِفَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَكْثَرُ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ وَقَدْ شَرَطَ وَاقِفُهُ النَّظَرَ لِأَرْشَدِ النَّسْلِ ثُمَّ لِأَرْشَدِ أَهْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ لِإِمَامِ الْجَامِعِ ثُمَّ الْحَاكِمِ وَشَرَطَ التَّرْتِيبَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَقْفِ بَيْنَ الْبُطُونِ، وَلَمْ أَرَهُ شَرَطَ التَّرْتِيبَ فِيهِمْ فِي النَّظَرِ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَعْلَى لَا يَحْجُبُ الْأَسْفَلَ فِي النَّظَرِ بَلْ إذَا كَانَ الْأَسْفَلُ أَرْشَدَ قُدِّمَ عَلَى الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ بِأَرْشَدَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي النَّاظِرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ وَالِي وِلَايَةِ شَرْطِهِ وَيَعْتَمِدُ فِيهَا مَا يَعْتَمِدُهُ أَكْثَرُ الْوُلَاةِ وَلَكِنَّهُ حَسَنُ التَّصَرُّفِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَيُنَمِّي الْوَقْفَ وَيُمَيِّزُهُ، وَعِنْدِي وَقْفَةٌ فِي أَمْرِهِ مِنْ جِهَةِ إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ وَبَيْنَ ضَعِيفٍ غَيْرِ مُثَمِّرٍ لِلْوَقْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>