للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِزِيَادَةِ فِقْهٍ وَإِمَّا لِحَاجَةٍ وَإِمَّا لِعَائِلَةٍ وَإِمَّا لِدِينٍ وَإِمَّا تَقَدُّمِ هِجْرَةٍ وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ بِأَسْبَابٍ لَا تُحْصَى وَعَلَى النَّاظِرِ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيُرَجِّحَ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّرْجِيحَ لَا بِالتَّشَهِّي وَلَا بِالْغَرَضِ بَلْ يَقْصِدُ الْحَقَّ وَمَعْرِفَةَ الْأَوْصَافِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْجِيحِ وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ رَاجَعَ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَأَفْضَلُ، لَا يَحِلُّ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ.

يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ فِي مَقَادِيرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ الِاسْتِحْقَاقَ وَأَسْبَابَهُ وَمِقْدَارَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَيُوَازِنَ بَيْنَهُمْ وَيُرَجِّحَ بِمُقْتَضَى الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ لَا بِمُقْتَضَى الْغَرَضِ وَالْإِجْحَافِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَمَتَى فَعَلَهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مَالِ الْوَقْفِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَاقِفِ وَلَا الشَّرْعِ فَيَضْمَنُهُ وَلِمُسْتَحَقِّهِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَتَضْمِينُهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا أُخِذَ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ قَالَ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ، وَلَمْ يَقُلْ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ رُبَّمَا كَانَ يُقَالُ إنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَخْتَارَ مَا شَاءَ فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَخْتَارَ إلَّا مَا هُوَ قَدْرُ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ عَرَفَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِحَسْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ رَاجَعَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ وَعَمِلَ بِحَسَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَوَقَّفَ حَتَّى يَعْلَمَ.

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ الْمُشْتَغِلِينَ بِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَيَّ اشْتِغَالٍ كَانَ بِالْعِلْمِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ فَقِيهًا أَوْ مُتَفَقِّهًا فَلَا يُشْتَرَطُ قَدْرٌ فِي الِاشْتِغَالِ وَلَا نَوْعٌ فِي الْعِلْمِ الَّذِي يَشْتَغِلُ بِهِ وَلَا إقَامَةٌ فِي الْمَدْرَسَةِ بَلْ لَوْ اشْتَغَلَ لَحْظَةً وَاحِدَةً بِهَا وَلَوْ فِي وَقْتِ الدَّرْسِ كَفَى فِي صِدْقِ هَذَا الِاسْمِ، وَلَا يَكْفِي حُضُورُ الدَّرْسِ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقِيهًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الِاشْتِغَالِ بِهَا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي أَوْقَاتٍ بِحَيْثُ يَصْدُقُ أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِهَا.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْإِقَامَةُ بِهَا وَالسُّكْنَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لَكِنْ لِكُلِّ فَقِيهٍ أَوْ مُتَفَقَّهٍ الْإِقَامَةُ بِهَا وَالسُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ وَقَفَهَا عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ لِمَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَلَا مُتَفَقَّهٍ السُّكْنَى بِهَا وَلَا الْإِقَامَةُ لِأَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَهَكَذَا الْمُدَرِّسُ الشَّافِعِيُّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَيَّنَ أَمْ نَسْلَهُ أَمْ غَيْرَهُمْ عِنْدَ عَدَمِهِمْ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ أَهْلِيهِمْ لَهُ الْإِقَامَةُ بِهَا وَالسُّكْنَى وَكَذَلِكَ الْمُؤَذِّنُ وَالْقَيِّمُ غَيْرُ الْفُقَهَاءِ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) قَوْلُهُ وَحِرْمَانُ مَعْمُولٌ بِهِ إذَا كَانَ الْمَذْكُورُونَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَحْرِمَ بَعْضَهُمْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانُوا مَحْصُورِينَ حَيْثُ يَحْرِمُ مَنْ زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وُجُوبًا وَمَنْ زَادَ عَلَى السِّتَّةِ جَوَازًا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ حَيْثُ لَا يَكُونُونَ مَحْصُورِينَ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) الْمُعِيدُ وَاحِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>