للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ أَوْ زَائِدٌ عَلَيْهَا مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ أَوْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ جَوَّزَ الزِّيَادَةَ وَشَكَكْنَا فِي الْمَنْعِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ.

(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) إذَا جَازَ التَّنْزِيلُ بِلَا ضَابِطٍ لَهُ إلَّا مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيُ النَّاظِرِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً وَأَكْثَرَ أَجْرًا لِلْوَاقِفِ فَقَدْ يَأْتِي شَخْصٌ فَقِيهٌ جَيِّدٌ فَقِيرٌ لَا يَجِدُ مَلْجَأً فَيَكُونُ تَنْزِيلُهُ أَكْثَرَ أَجْرًا وَأَوْلَى مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُنْزَلِينَ وَإِنْ نَقَصَ مِنْ مَعْلُومِهِمْ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ يَسِيرٌ فَمَنْ يَقُولُ بِأَنَّ تَنْزِيلَ مِثْلِ هَذَا لَا يَجُوزُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ وَقَدْ يَأْتِي شَخْصٌ فِيهِ غِنًى وَلَا فَضِيلَةَ طَائِلَةَ وَلَيْسَ فِيهِ نَفْعُ الطَّلَبَةِ فَتَنْزِيلُ مِثْلِ هَذَا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ فَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ وَلَا أَسْتَطِيعُ أَقُولُ إنَّ تَنْزِيلَهُ حَرَامٌ لِأَنَّهُ لَا لَفْظَ مِنْ الْوَقْفِ وَلَا دَلِيلَ مِنْ الشَّرْعِ يَمْنَعُ مِنْهُ وَلَا يَجِبُ صَرْفُ تِلْكَ الْمَعَالِيمِ إلَى الْأَوَّلِينَ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ.

(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) تَرْتِيبُ الْفُقَهَاءِ عَلَى طَبَقَاتٍ ثَلَاثٍ كَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ وَغَيْرِهَا إنْ كَانَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا فِي الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ فَهُوَ مُتَّبَعٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَصْرُ فِيهِ؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا أَنْ نُنْزِلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ» فَإِذَا كَانَ فَقِيهٌ فِي طَبَقَةِ عِشْرِينَ وَفَقِيهٌ فِي طَبَقَةِ ثَلَاثِينَ وَفَقِيهٌ بَيْنَهُمَا فَوْقَ الْأَوَّلِ وَدُونَ الثَّانِي إلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا تَنْزِيلٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلَتِهِ فَهُوَ مُخَالِفُ الْحَدِيثِ فَيَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ بَيْنَهُمَا إذْ هِيَ مَنْزِلَتُهُ فَمَنَازِلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَقَلِّ الْأَجْزَاءِ إلَى أَكْثَرِهَا وَعَلَى النَّاظِرِ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) لَا يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يُعَيَّنَ لِكُلِّ فَقِيهٍ مَعْلُومًا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ غَيْرِهَا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِيءُ الْمُغَلُّ أَقَلَّ مِنْ مَعْلُومِ الْجَمِيعِ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْوَاقِفُ لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا فَإِنْ تَرَكَهُ النَّاظِرُ لِذَلِكَ وَنَزَلَ جُمْلَةٌ وَجَاءَ وَقْتُ الْمَغَل وَقَسَمَهُ عَلَى قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ كُلِّ سَنَةٍ فَهَذَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ وَإِنْ عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ قَدْرًا عَلَى حَسَبِ اسْتِحْقَاقِهِ فَإِنْ جَاءَ الرِّيعُ أَقَلَّ قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ وَإِنْ جَاءَ أَكْثَرَ رُدَّ الزَّائِدُ عَلَيْهِمْ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ أَوْ نَزَلَ عَلَيْهَا غَيْرُهُمْ عَلَى مَا يَرَاهُ.

(التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ) أَخْبَرَنِي النَّاظِرُ أَنَّ الشَّيْخَ عَلَاءَ الدِّينِ الْقُونَوِيَّ قَاضِي الْقُضَاةِ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ لَمَّا اجْتَمَعُوا فِي أَيَّامِ الْمَرْحُومِ تَنْكُزَ كَانَ رَأْيُ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ أَنْ يَكُونُوا مِائَةً وَأَنْ تَكُونَ طَبَقَاتُهُمْ كَطَبَقَاتِ الشَّامِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ وَهَذَا الَّذِي رَآهُ حَسَنٌ أَوْلَى مِمَّا هِيَ الْآنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَدْرَسَتَيْنِ مَنْسُوبَتَانِ إلَى وَاحِدَةٍ وَالْبَرَّانِيَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ فَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَمَّا أُطْلِقَتْ فِي الْجُوَّانِيَّةِ أَرَادَتْ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَتْ طَبَقَاتُهُمْ كَطَبَقَاتِ الْبَرَّانِيَّةِ وَكَانُوا مِائَةً كَانَ الْوَقْفُ يَكْفِيهِمْ فِي غَالِبِ السِّنِينَ فِي السِّعْرِ الْمُعْتَدِلِ وَقَدْ قَدَّمْت أَنَا مَا فِي الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ فَأَنَا أُوَافِقُهُ فِي كَوْنِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>