وَالتَّدْرِيسِ فَوَّضَ النَّظَرَ وَالتَّدْرِيسَ إلَيْهِ وَلِكُلِّ مَنْ آلَ إلَيْهِ النَّظَرُ تَفْوِيضُ ذَلِكَ إلَى الْأَرْشَدِ الْأَصْلَحِ مِمَّنْ ذَكَرَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِمَنْ يَصْلُحُ مِنْ نَسْلِ زَيْدٍ وَمَتَى عَادَ وَنَشَأْ لَهُمْ مَنْ يَصْلُحُ لِلنَّظَرِ وَالتَّدْرِيسِ أُعِيدَ إلَيْهِ؛ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُشَارَكَةُ مَنْ يَئُولُ إلَيْهِ النَّظَرُ وَالتَّدْرِيسُ بَلْ يَنْفَرِدُ بِهِ وَلَا يُعْدَلُ بِهِ إلَى سِوَاهُ وَشَرَطَ أَنَّ الْمُدَرِّسَ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُهُ النَّاظِرُ فَآلَ النَّظَرُ إلَى شَخْصٍ مِنْهُمْ وَفِيهِمْ جَمَاعَةٌ يَصْلُحُونَ لِلْوَظِيفَتَيْنِ فَعَيَّنَ شَخْصًا مِنْهُمْ لِلتَّدْرِيسِ وَاسْتَمَرَّ يُبَاشِرُ النَّظَرَ وَيُفِيدُ التَّدْرِيسَ ثُمَّ تُوُفِّيَ النَّاظِرُ مَعَ وُجُودِ الْمُدَرِّسِ وَالْجَمَاعَةِ الصَّالِحِينَ لِلنَّظَرِ وَالتَّدْرِيسِ فَهَلْ يَنْفَرِدُ الْمُدَرِّسُ بِالنَّظَرِ أَوْ يُشَارِكُهُ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ وَهَلْ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُسْنِدَ النَّظَرَ إلَى غَيْرِ الْمُدَرِّسِ؟
(الْجَوَابُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْضَرَ كِتَابُ الْوَقْفِ فَقَدْ يَكُونُ فِيهِ مَا يُرْشِدُ إلَى الْمُرَادِ وَأَمَّا هَذَا الَّذِي نُقِلَ مِنْهُ وَحْدَهُ فَفِيهِ تَدَافُعٌ فِي مَوْضِعِ الِاسْتِفْتَاءِ فَلْنَتَكَلَّمْ عَلَى شَرْحِ الْجَمِيعِ.
أَمَّا شَرْطُهُ النَّظَرَ لِثَلَاثَةٍ عَلَى التَّرْتِيبِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ يَسْتَحِقُّونَهُ عَلَى التَّرْتِيبِ ثُمَّ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ يَسْتَحِقُّهُ بَنُو أَبِيهِمْ ثُمَّ بَنُو وَالِدِ أَبِيهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ فِي هَاتَيْنِ الطَّبَقَتَيْنِ أَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْ الطَّبَقَةِ بَلْ إذَا كَانَ فِيهِمْ جَمَاعَةٌ صَالِحُونَ لِلنَّظَرِ اشْتَرَكُوا فِيهِ هَكَذَا فِي بَنِي الْأَبِ حَتَّى يَنْقَرِضُوا ثُمَّ فِي بَنِي وَلَدِ الْأَبِ وَنَسْلِهِمْ حَتَّى يَنْقَرِضُوا وَيَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ التَّدْرِيسِ هَذَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ فِي الْوَظِيفَتَيْنِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْوِيضٍ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْشَدِ بَلْ يَشْتَرِكُ فِيهِ الرَّشِيدُ وَالْأَرْشَدُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِلنَّظَرِ وَالتَّدْرِيسِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لَكِنَّهُ تَأْكِيدٌ حَتَّى لَا يُظَنَّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ لِلْوَاحِدِ بَيْنَ الْوَظِيفَتَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا فَإِنْ " مَنْ " صِيغَةٌ صَالِحَةٌ لِلْوَاحِدِ وَمَا فَوْقَهُ وَقَوْلُهُ فَوَّضَ مَعْنَاهُ جَمَعَ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَفْوِيضٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ أَغْنَى عَنْهُ بَعْدَ وَاحِدٍ يَقْتَضِي بِمَفْهُومِهِ عَدَمَ التَّعَدُّدِ، وَأَرَدْت أَنْ أَقُولَ بِهِ وَأَجْعَلَ قَوْلَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَنِي الْأَبِ وَبَنِي وَلَدِ الْأَبِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى مَجْمُوعِ النَّظَرِ وَالتَّدْرِيسِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَا يَصْلُحُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ: الْأَرْشَدِ إشَارَةً إلَى النَّظَرِ، وَالْأَصْلَحِ إشَارَةً إلَى التَّدْرِيسِ؛ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُدَرِّسَ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُهُ النَّاظِرُ، لَكِنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ دَلَّ بِعُمُومِهِ عَلَى اشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي النَّظَرِ وَالتَّدْرِيسِ عِنْدَ الْأَهْلِيَّةِ سَوَاءٌ أَحَصَلَ تَفْوِيضٌ أَمْ لَمْ يَحْصُلْ.
فَهَذَا مَوْضِعٌ مِنْ مَحَلِّ التَّدَافُعِ وَحِرْمَانُ بَعْضِهِمْ بِهَذَا الْمَفْهُومِ مَعَ عُمُومِ اللَّفْظِ الْمُتَقَدِّمِ لَا أَرَى بِهِ؛ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ " وَلَيْسَ لِأَحَدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute