للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنَّهُ وَقْفٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وعبرت طرب (؟) فِيهِ وَجْهُ الْقُرْبَةِ كَأَنْوَاعِ التَّوَكُّلِ بِهَا وَمِنْ جُمْلَتِهَا كُلُّ مَا فِيهَا مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَقَارِبُ الْوَاقِفِ كَمَا «قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْرُحَاءَ إنَّهَا صَدَقَةٌ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَقَارِبِهِ وَقَضَى لَهُ» .

وَأَمَّا جَعْلُهُ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ الْأَغْنِيَاءِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَصَدَقَةً لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْعُرْفِ فِي قَوْلِهِ جَعَلْتُ هَذَا صَدَقَةً لَا يَشْمَلُهُ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا صَحَّ عَلَيْهِمْ لِقَصْدِ التَّمْلِيكِ لَا لِظُهُورِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ فِي نَفْسِهِ قُرْبَةً وَلَا يَصِيرُ الْمُشْتَرَى بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَقْفًا لَا بُدَّ أَنْ يُوقَفَ إمَّا مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بِإِذْنِ الدَّافِعِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِمَا حَيْثُ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ وَيَصِحُّ وَقْفُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الدَّافِعِ أَوَّلًا مَا يَدْفَعُهُ إذَا أَقَامَ أَحْوَالًا فَقَدْ قُلْنَا إنَّ ذَلِكَ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِذَا مَاتَ الدَّافِعُ أَوْ أَفْلَسَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْمَالِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ مَقَالٌ فِي طَلَبِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَرْفَعُوا الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَطْلُبَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَقْفَهُ أَنْ يَتَوَلَّى الْحَاكِمُ بِطَرِيقِهِ وَسَوَاءٌ الْمَدْفُوعُ وَوَقْفُهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِذْنِ فَإِنْ أَذِنَ الدَّافِعُ فِيهِمَا مَعًا فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الشِّرَاءِ إلَى تَجْدِيدِ إذْنٍ فِي الْوَقْفِ وَإِنْ أَذِنَ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ آخَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَيَكُونُ الْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةً حَتَّى يُطْلَبَ مِنْهُ أَوْ يُؤْذَنَ لَهُ فِيمَا يَفْعَلُ بِهِ، وَإِذَا وَقَفَ مَا يُشْتَرَى بِالْمَالِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَوْصُوفِينَ بِصِفَةٍ تِلْكَ الصِّفَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِ، وَالنَّاظِرُ فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَ الدَّافِعُ عَيَّنَهُ فِي أَصْلِ كَلَامِهِ فَيُشْتَرَطُ حَالَ الْوَقْفِ النَّظَرُ إلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ كَانَ لَهُ النَّظَرُ فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ أَوْصَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْمُوصِي عَقَارًا وَيُوقِفَهُ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا تَنْقَطِعُ فَاشْتَرَى الْوَصِيُّ عَقَارًا وَاسْتَغَلَّهُ سِنِينَ وَلَا وَقَفَهُ عَلَى الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لِوَارِثِ الْمُوصِي الرَّشِيدِ رَفْعُ الْوَصِيِّ إلَى الْحَاكِمِ وَإِلْزَامُهُ بِوَقْفِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا وَهَلْ يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ وَيَرْجِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>