فَمَنْ رَآهُ مُشْتَغِلًا أَكْرَمَهُ وَشَكَرَهُ وَمَنْ رَآهُ مُقَصِّرًا وَعَظَهُ مِرَارًا، فَإِنْ لَمْ يَنْصَلِحْ أَخْرَجَهُ وَقَطَعَ جَارِيَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ رَآهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَجِبُ يَعِظُهُ وَيَنْهَاهُ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ أَخْرَجَهُ.
وَقَدْ فَوَّضَ مَوْلَانَا الْمَلِكُ النَّاصِرُ التَّدْرِيسَ إلَى الْقَاضِي بَهَاءِ الدِّينِ قَاضِي الْقُضَاةِ بِالْقُدْسِ وَالْعَسْكَرِ الْمَنْصُورِ، وَمَا جَمَعَ إلَيْهِ يُوسُفُ بْنُ رَافِعِ بْنِ تَمِيمٍ وَجَعَلَ النَّظَرَ فِيهَا، وَفِي أَوْقَافِهَا إلَيْهِ وَجَعَلَ مَا يُصْرَفُ مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ نَظَرِهِ فَلَهُ أَنْ يُدَرِّسَ بِنَفْسِهِ وَبِنَائِبِهِ، فَإِذَا مَاتَ فَإِلَى مَنْ يُوصِي إلَيْهِ وَيَنُصُّ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَيَكُونُ التَّدْرِيسُ لَهُ وَالنَّظَرُ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ الْآخَرُ لَا يَزَالُ ذَلِكَ كَذَلِكَ كُلَّمَا انْقَضَى مُدَرِّسٌ فَإِنَّ النَّظَرَ وَالتَّدْرِيسَ إلَى مَنْ يَنُصُّ عَلَيْهِ، أَوْ يُوصَى بِذَلِكَ إلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى أَحَدٍ كَانَ تَعْيِينُ الْمُدَرِّسِ إلَى الْحَاكِمِ الْأَصْلِيِّ فِي مَدِينَةِ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ، فَإِذَا عَيَّنَ مُدَرِّسًا صَارَ النَّظَرُ إلَى الْمُدَرِّسِ لِلْعَيْنِ لَا يَزَالَ ذَلِكَ كَذَلِكَ أَبَدًا سَرْمَدًا وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يُلَازِمَ الدَّرْسَ بِنَفْسِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَمُلَازَمَةُ الْمُدَرِّسِ فِي الْمَكَانِ إلَّا لِحَاجَةٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْغَيْبَةِ لَهَا بَعْدَ اسْتِئْذَانِ النَّاظِرِ وَإِذْنِهِ.
وَعَلَيْهِ تَفَقُّدُ حَالِ الْمَدْرَسَةِ فَمَا رَأَى مِنْ نَقْصٍ تَقَدَّمَ بِإِزَالَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ انْتَهَى ذَلِكَ إلَى النَّاظِرِ وَقَدْ رَتَّبَ لَهُ كُلَّ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَغِرَارَتَيْنِ قَمْحًا، وَعَدَدُ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ، بَلْ مَا وَسِعَهُ الْوَقْفُ مِنْ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَبِذَلِكَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِي ثَالِثَ عَشَرَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَى جَلَالِ الدِّينِ أَبِي عَلِيٍّ حَسَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَبَّارِ الْحَاكِمِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فِي تَاسِعَ عَشَرَ رَجَبَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ وَالْبَيْعِ، وَالْوَقْفِ وَأَلْزَمَ حُكْمَهُ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ إلْزَامُهُ، وَأَنْفَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلْطَانَ بْنِ يَحْيَى الْقُرَشِيُّ نَائِبُ الْحَكَمِ بِدِمَشْقَ فِي ثَانِي رَجَبَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ شَرَفُ الدِّينِ، وَنَفَّذَهُ زَكِيُّ الدَّيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَاضِي دِمَشْقَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَفَّذَهُ شَمْسُ الدِّينِ سَالِمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ صَاعِدِ بْنِ الدَّيْلَمِ قَاضِي الْقُدْسِ فِي تَاسِعَ عَشَرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ عِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَفَّذَهُ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدِ بْنِ السَّلَمِ قَاضِي نَابُلُسَ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَفَّذَهُ صَفِيُّ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ بْنُ مَكْتُومٍ الْعَسِّيُّ قَاضِي الْقُدْسِ فِي الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَفَّذَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ عَيَّاشٍ نَائِبِ قَاضِي غَزَّةَ فِي خَامِسِ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَنَفَّذَ أَسْجَالُ صَفِّي الدِّينِ أَيْضًا بَدْرَ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ اللَّهِ بْنِ جَمَاعَةَ قَاضِي الْقُدْسِ نِيَابَةً عَنْ ابْنِ الصَّائِغِ فِي الثَّالِثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute