غَيْرِهِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبُولِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقَبُولِ، فَيَكُونُ رَدًّا، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْعَزْلِ امْتِنَاعَهُ مِنْ النَّظَرِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ خَالَفْنَاهُ.
(السَّادِسَةُ) إذَا خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ النَّظَرِ قَالَ الْأَصْحَابُ يَنْزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْ يَدِهِ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يَنْزِعُهُ لِيُسَلِّمَهُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ النَّظَرَ بَعْدَهُ تَنْزِيلًا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ مَنْزِلَةَ الْمَوْتِ كَمَا يُمَثِّلُ بِذَلِكَ بِقَوْلٍ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ تَنْتَقِلُ إلَى الْأَبْعَدِ بِفِسْقِ الْأَقْرَبِ وَأَنَّهُ لَوْ عَادَتْ أَهْلِيَّةُ الْوِلَايَةِ عَادَتْ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ.
قُلْت: أَمَّا عَوْدُ الْوِلَايَةِ إلَيْهِ إذَا عَادَتْ الْأَهْلِيَّةُ فَصَحِيحٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ نَفْسَهُ، وَأَمَّا انْتِقَالُ النَّظَرِ لِمَنْ بَعْدَهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ فَبَعِيدٌ بَلْ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وِلَايَةِ النِّكَاحِ أَنَّ الْمُقْتَضَى لِوِلَايَةِ النِّكَاحِ الْقَرَابَةُ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْأَبْعَدِ وَلَكِنَّا قَدَّمْنَا الْأَقْرَبَ عَلَيْهِ لَقُرْبِهِ مَا دَامَ مُتَّصِفًا بِالْأَهْلِيَّةِ، فَإِذَا زَالَتْ تَوَلَّاهَا الْأَبْعَدُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لَهَا، وَنَاظِرُ الْوَقْفِ الثَّانِي لَمْ يَجْعَلَ الْوَاقِفُ لَهُ النَّظَرَ إلَّا بَعْدَ الْأَوَّلِ فَكَيْفَ يَتَوَلَّاهُ فِي حَيَاتِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ شَرَطَ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ نَظَرُ الْأَوَّلِ نَظَرَ الثَّانِي.
(السَّابِعَةُ) هَذِهِ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ كُلُّهَا فِيمَا إذَا كَانَ النَّاظِرُ مَذْكُورًا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ بِصِيغَةِ الِاشْتِرَاطِ بِأَنْ يَقُولَ: وَقَفْت عَلَى أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِفُلَانٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَجَعَلْت النَّظَرَ فِيهِ لِفُلَانٍ فَلِلرَّافِعِيِّ بَحْثٌ فِي مِثْلِهِ، وَهُوَ إذَا قَالَ: وَقَفْت هَذِهِ الْمَدْرَسَةَ وَفَوَّضْت تَدْرِيسَهَا إلَى فُلَانٍ قَالَ الْبَغَوِيّ: إنَّهُ لَا يُغَيَّرُ وَتَوَقَّفَ الرَّافِعِيُّ فِيهِ، وَلَمْ يَتَوَقَّفْ فِي مَنْعِ الْغَيْرِ إذَا قَالَ: وَقَفَهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُدَرِّسُهَا، وَمَا تُوقَفُ فِيهِ فِي الْمُدَرِّسِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي النَّاظِرِ، وَيَنْبَغِي فِيهِمَا أَنْ يُقَالَ إذَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الشَّرْطِ امْتَنَعَ التَّغَيُّرُ وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَشْرُوطِ وَإِلَّا فَكَمَا لَوْ لَمْ يُوصِ إلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الْوَقْفِ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَقَفَهَا تَمَّ الْوَقْفُ، وَمَنْ جُمْلَةِ الْقَرَائِنِ مَا يَفْعَلُهُ الشُّرُوطِيُّونَ فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ يَكْتُبُونَهَا وَيَقُولُونَ فِي آخِرِهَا وَجُعِلَ النَّظَرُ لِفُلَانٍ وَيَقْرَأُ الْكِتَابَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِأَنِّي وَقَفْته عَلَى هَذَا الْحُكْمِ، فَإِنْ قَالَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute