مَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لِأُخْتِهِ خَدِيجَةَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ غَيْرُهَا، وَلَيْسَ فِيمَا تَقَدَّمَ قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يُعَارِضُهُ، وَلَا فِي قَوْلِهِ فِيمَا بَعْدَهُ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ هَذَا وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ وَتَرَكَ أَخًا، أَوْ إخْوَةً وَأَوْلَادَ أَخٍ، أَوْ إخْوَةً قَامَ أَوْلَادُ الْمُتَوَفَّى مَقَامَ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا حَتَّى يَصِيرَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُعَارِضُهُ فَإِنَّ عَلِيًّا لَوْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ خَلِيلٍ لَشَارَكَ الْأُخْتَ فِي نَصِيبِهِ فَكَذَلِكَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ يَقُومُ مَقَامَهُ، لَكِنَّ هَذَا يَدْفَعُهُ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ تَرَكَ أَخًا، أَوْ إخْوَةً وَأَوْلَادَ أَخٍ، أَوْ إخْوَةٍ وَالْأَخُ ذَكَرٌ وَالْإِخْوَةُ جَمْعٌ وَأَوْلَادُ الْأَخِ، أَوْ الْإِخْوَةِ جَمْعٌ، وَلَمْ يُوجَدُ فِي مَسْأَلَتِنَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ أُخْتًا وَابْنَ أَخٍ فَلَا يَدْخُلَانِ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ، هَذَا قَدْ قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَصَرَّحُوا بِهِ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى إخْوَتِهِ يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْإِنَاثِ الْخُلَّصِ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَيْهِنَّ، وَكَذَا الْأُخْتُ الْوَاحِدَةُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ إذَا اجْتَمَعُوا وَأَكْثَرُ الْمَذَاهِبِ سَاكِتَةٌ عَنْ ذَلِكَ.
وَاَلَّذِي قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ مِنْ الذُّكُورَةِ إلَى التَّأْنِيثِ وَمِنْ الْجَمْعِ إلَى الْإِفْرَادِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ فَهَذَا الْوَاقِفُ قَدْ شَرَطَ فِي الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ تَرَكَ أَخًا، أَوْ إخْوَةً وَأَوْلَادَ أَخٍ، أَوْ إخْوَةٍ، وَلَيْسَ هَذَا الْمَيِّتُ كَذَلِكَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْجُمْلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْمُقْتَضِيَةُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ يَكُونُ نَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ سَالِمًا عَنْ الْمُعَارِضِ فَتَسْتَحِقُّهُ أُخْتُهُ لِذَلِكَ، وَلَا يُشَارِكُهَا فِيهِ ابْنُ أَخِيهَا فَهَذَا أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ يَدْفَعَانِ مُعَارَضَةَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ لِتِلْكَ الْجُمْلَةِ.
(الشَّيْءُ الثَّانِي) أَنَّ قَوْلَهُ فِي جَزَاءِ هَذَا الشَّرْطِ قَامَ أَوْلَادُ الْمُتَوَفَّى مَقَامَ أَبِيهِ لَوْ سَلَّمَ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ، وَلَا بِالْجَمْعِ لَوْ لَمْ يُسَلِّمْ لَا يَنْتَظِمُ هَذَا الْجَزَاءُ وَحْدَهُ، وَلَا مَعَ الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ أَوْلَادُ الْمُتَوَفَّى، وَلَا أَوْلَادَ لِهَذَا الْمُتَوَفَّى. وَكَقَوْلِهِ مَقَامَ أَبِيهِ.
وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: أَبِيهِمْ وَلِعَدَمِ ذِكْرِهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقِيَامَ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ يُعْرَضُ عَنْهَا لِعَدَمِ انْتِظَامِهَا، أَوْ يُقْتَصَرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْأُخْتِ فَنَأْخُذُ بِالْمُحَقَّقِ وَنَتْرُكُ الْمُحْتَمَلَ وَأَيْضًا فَالْأُخْتُ مُسْتَحِقَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute