للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاظِرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ شَخْصٌ مُنْفَرِدٌ بِوَظِيفَةٍ كَنَاظِرٍ أَوْ عَامِلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا يَأْخُذُ عَلَى خَطِّ الْقَاضِي تَوْقِيعًا بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَقْدِرُ الْقَاضِي يَعْزِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ يَبْقَى مُتَمَسِّكًا بِذَلِكَ التَّوْقِيعِ وَيُوهِمُ أَرْبَابَ الدَّوْلَةِ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ فَلَا يَقْدِرُ الْقَاضِي عَلَى عَزْلِهِ وَلَوْ بَانَ لَهُ مِنْهُ أَلْفُ مُصِيبَةٍ وَتَبْقَى تِلْكَ الْوَظِيفَةُ دَائِمًا لَا تُؤْخَذُ إلَّا بِتَوَاقِيعَ وَلَا لِلْقَاضِي فِيهَا حَدِيثٌ، وَمِنْهَا أَنَّ مَعْلُومَهَا يَصِيرُ مُسْتَقِرًّا وَإِذَا ازْدَادَ مُبَاشِرٌ آخَرُ يَكُونُ زِيَادَةً عَلَى الْوَقْفِ بِخِلَافِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فَإِنَّ الْقَدْرَ الْمَأْخُوذَ لِلْعُمَّالِ يُقَسَّمُ عَلَى الْجَمِيعِ زَادُوا أَوْ نَقَصُوا، وَقَدْ وَجَدْت فِي الشَّامِ مَا بَلَغَ مَعْلُومُ الْمُبَاشِرِ فِيهِ قَدْرًا يَسْتَغْرِقُ أَكْثَرَ الْوَقْفِ وَلَا يَفْضُلُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَّا النَّذْرُ الْيَسِيرُ وَرُبَّمَا لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.

هَذَا مَعَ مَا فِي الشَّامِ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ لَيْسَتْ فِي مِصْرَ ظَاهِرَةُ الْإِنْكَارِ تُعْرَفُ.

(أَحَدُهَا) أَنَّهُمْ أُجَرَاءُ عَلَى الْأَوْقَافِ حَتَّى قَالَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ فِيهِمْ نَاسًا يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ وَيَأْكُلُونَ الْأَوْقَافَ.

(الثَّانِي) أَنَّهُمْ يَتَأَوَّلُونَ أَعْنِي الْمُتَمَسِّكَ مِنْهُمْ حَتَّى رَأَيْتُهُمْ اسْتَفْتَوْا فِي قَرْيَةٍ وُقِفَتْ عَلَى أَنْ يَبْدَأَ مِنْهَا بِعِمَارَتِهَا وَفِلَاحَتِهَا وَمُبَاشَرَتِهَا وَمَا بَقِيَ فَلِلْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا فَجَعَلُوا ذَلِكَ طَرِيقًا لِزِيَادَةِ الْمُبَاشِرِينَ وَصَارَتْ مَعَالِيمُ الْمُبَاشِرِينَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ إلَيْهِمْ وَلَا حَاجَةَ.

(الثَّالِثُ) وَهُوَ خَاصٌّ بِالضِّيَاعِ وَالْقُرَى دُونَ الْمُسَقَّفَاتِ أَنَّ الْمُبَاشِرَ لِقَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ يَتَّخِذُهَا كَأَنَّهَا أَقْطَاعٌ لَهُ يَتَّجِرُ فِيهَا وَيَزْرَعُ فِيهَا وَيُكَلِّفُ فَلَّاحِيهَا وَيُسَخِّرُهُمْ وَيَسْتَوْلِي عَلَيْهَا كَأَنَّهَا مِلْكُهُ أَوْ كَأَنَّهُ أَمِيرٌ ظَالِمٌ أُقْطِعَهَا أَوْ يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى الظَّلَمَةِ فَيُضَمِّنُهُمْ إيَّاهَا فَلَا تَبْقَى تُنْزَعُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ فِي لَيْلَةِ الْأَحَدِ تَاسِعِ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى. نُقِلَ مِنْ خَطِّهِ.

قَالَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَلَدُهُ فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ: قَوْلُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لِلْعُمَّالِ أُجْرَةً عَلَى مَالِ الْأَيْتَامِ بِلَا خِلَافٍ لَا يَدْفَعُهُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَمِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>