للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا شَرْطًا فِيمَا قَدَّمَهُ وَلَكِنَّهُ إنْشَاءُ حُكْمٍ وَذِكْرُ مَوْقُوفٍ آخَرَ عَلَيْهِ يُشَارِكُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَوَّلًا وَيُصَيِّرُهُمَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِمَا بَعْدَهُ، وَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ لَا بُدَّ مِنْ فَهْمِهَا وَضَبْطِهَا فَإِنَّهَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا.

وَقَوْلُهُ يَجْرِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبُهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ يَجْرِي نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ فِيهِ فَائِدَتَانِ:

(إحْدَاهُمَا) الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ عَنْ أَنْ يَقُولَ: مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ.

فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَاحِدٌ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ بَعْدَهُ وَفِي هَذَا الْوَقْفِ مَعَ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْتَاجُ فَإِنَّهُ مُبَيِّنٌ لِنَفْسِهِ.

(الثَّانِيَةُ) قَدْ يُقَالُ إنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ كَالْوَقْفِ الْمُسْتَقِلِّ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ كَالصَّفْقَةِ الْمُسْتَقِلَّةِ أَشْبَهَ تَفْصِيلَ الثَّمَنِ فَيَتَعَدَّدُ الْوَقْفُ بِهِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّ ذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ وَقْفٌ وَاحِدٌ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا سَرَى النَّظَرُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِمَّا لَا حَاجَةَ بِنَا هُنَا إلَيْهِ وَإِنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ نَسْتَوْفِيَ الْكَلَامَ عَلَى كَلِمَاتِ كِتَابِ الْوَقْفِ نَعَمْ فِيهِ تَأْكِيدُ بَيَانٍ؛ لِأَنَّ وَلَدَ كُلٍّ مِنْ الْخَمْسَةِ مُسَاوٍ لِوَلَدِ الْآخَرِ فَيَكُونُ وَلَدُ مُحَمَّدٍ وَوَلَدُ ثَابِتَةَ مُسَاوِيَيْنِ لِأَوْلَادِ إبْرَاهِيمَ وَعِيسَى وَهُوَ فَصْلُ الْمَسْأَلَةِ.

وَقَوْلُهُ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ: أَمَّا التَّرْتِيبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الشَّرْطُ فَهُوَ أَنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ.

وَأَمَّا كَوْنُ مَنْ مَاتَ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ يَقُومُ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فَقَدْ قُلْنَا إنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ إنْشَاءُ وَقْفٍ، فَإِنْ سُمِّيَ شَرْطًا فَمِنْ بَابِ التَّوَسُّعِ.

وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ إلَى آخِرِهِ شَرْطٌ صَرِيحٌ وَهُوَ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْوَاقِفِ لَا قَبْلَهُ.

وَقَوْلُهُ: مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى آخِرِهِ الْمُرَادُ بِالدَّرَجَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ " مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ " يُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا تَبْعِيضِيَّةً، وَقَوْلُهُ الْمُتَنَاوِلِينَ شَرْحٌ لِقَوْلِهِ أَهْلُ الْوَقْفِ لَا تَخْصِيصٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْوَقْفِ لَا يَصْدُقُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَنَاوِلِينَ.

وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَقَعَتْ فِي الشَّامِ أَعْنِي كَوْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ يَخْتَصُّ بِالْمُتَنَاوِلِينَ أَوْ يَعُمُّ كُلَّ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الِاسْتِحْقَاقُ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي الشَّامِ فِيهَا نَقْلٌ فِي زَمَنِ الشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ وَأَرْسَلُوا إلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَسْأَلُونَ عَنْهَا فَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّهُ وُجِدَ فِيهَا نَقْلٌ، وَرَأَيْت أَنَا مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ أَهْلَ الْوَقْفِ هُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ الْمُتَنَاوِلُونَ، وَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>