نُسْخَتُهُ وَمِنْ خَطِّ مَنْ نَقَلَ مِنْ خَطِّهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الذُّكُورُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ رَوَاهَا أَبُو طَالِبٍ أَنَّ بِنْتَ الْمُعْتِقِ تَرِثُ فَفَهِمَ أَصْحَابُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا فِي بِنْتِ الْمُعْتِقِ خَاصَّةً لَا تَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا مِنْ النِّسَاءِ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: تَرِثُ مِنْ الْوَلَاءِ وَكَانَ يُوَرِّثُ الْبِنْتَ مِنْ وَلَاءِ مَوَالِي الْأَبِ وَطَاوُسٌ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَلَمْ يُبَيِّنْ طَاوُسٌ فِي هَذَا النَّقْلِ هَلْ ذَلِكَ عَامٌّ فِي النِّسَاءِ أَوْ خَاصٌّ بِالْبِنْتِ أَوْ كَيْفَ حَالُهُ أَمَّا الْبِنْتُ فَلَا شَكَّ عَنْهُ فِي تَوْرِيثِهَا كَالرِّوَايَةِ عَنْ أَحْمَدَ وَلَكِنْ مَعَ هَذَا هَلْ هُوَ عِنْدَ فَقْدِ الذُّكُورِ خَاصَّةً أَوْ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَقَالَ: إذَا خَلَّفَ ابْنَ مَوْلَى وَابْنَةَ مَوْلَى فَالْمَالُ لِابْنِ الْمَوْلَى دُونَ ابْنَتِهِ وَهَكَذَا إذَا خَلَّفَ أَخَا الْمَوْلَى وَأُخْتَ الْمَوْلَى هَذَا قَوْلُنَا.
وَذَهَبَ شُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ إلَى أَنَّ الْمَالَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا يَكُونُ كَذَلِكَ فِي النَّسَبِ، هَذَا النَّقْلُ مِنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ يَقْتَضِي أَنَّ شُرَيْحًا وَطَاوُسًا يَقُولَانِ بِذَلِكَ وَالْأُخْتُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَحَالَةَ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الذُّكُورِ، وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ شُرَيْحٍ وَطَاوُسٍ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ أَبِي طَالِبٍ.
وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمُغْنِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ جَعَلَ الْوَلَاءَ مَوْرُوثًا كَالْمَالِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مِيرَاثِ بِنْتِ الْمُعْتِقِ: وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ بِالْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَيْهِنَّ مَنْ أَعْتَقْنَ.
قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ سَمَّيْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ غَيْرِ شُرَيْحٍ فَيَقْتَضِي هَذَا الْكَلَامُ أَنَّ شُرَيْحًا يَقُولُ بِمِيرَاثِ النِّسَاءِ مُطْلَقًا حَيْثُ يَرِثْنَ الْمَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ نَقْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ.
وَأَنَا أَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: إنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْوَاقِعَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا أَنَّ الْمَالَ يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْمُعْتِقِ الذُّكُورِ لَا يُشَارِكُهُمْ الْإِنَاثُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ شُرَيْحٍ وَطَاوُسٍ وَرِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ وَبَيَانُ ذَلِكَ بِفُصُولٍ:
(الْأَوَّلُ) فِي الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَهِيَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا الْحَدِيثُ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي تَوْرِيثِ الْبِنْتِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَأَخْبَرْنَا بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute