للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ} هَذَا الْكَلَامُ الْمَوْعُودُ بِهِ لَا شَكَّ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ وَلَكِنْ هَلْ نَقُولُ: إنَّهُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ ثَبَتَ لِلْمُعْتِقِ وَجَمِيعِ عَصَبَاتِهِ أَوْ ثَبَتَ لِلْمُعْتِقِ فَقَطْ وَبَعْدَهُ ثَبَتَ لِعَصَبَاتِهِ لَا عَلَى جِهَةِ الْإِرْثِ بَلْ عَلَى جِهَةِ أَنَّ ثُبُوتَهُ لَهُمْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى مَوْتِ الْمُعْتِقِ وَعَلَى هَذَا هَلْ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ وَلَا يَثْبُتُ لِلْأَبْعَدِ فَقْدُ الْأَقْرَبِ كَمَا فِي الْمُعْتِقِ مَعَ الْعَصَبَةِ أَوْ يَثْبُتُ لِجَمِيعِ الْعَصَبَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.

وَظَاهِرُ إلْحَاقِ الْوَلَاءِ بِالنَّسَبِ أَنَّهُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ يَثْبُتُ لِلْجَمِيعِ وَلَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَهُ عَتِيقًا لِلسَّيِّدِ ثَبَتَ نَسَبُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَصَبَتِهِ حِسًّا فَإِنَّا نَقُولُ: عَتِيقُ ابْنِ عَمِّ فُلَانٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا ثُبُوتُ هَذِهِ النِّسْبَةِ شَرْعًا فَالْحَدِيثُ يَقْتَضِيهَا وَتَوْقِيفُهَا عَلَى مَوْتِ الْمُعْتِقِ بَعِيدٌ وَإِنْ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِهِ.

وَمَرْتَبَةٌ ثَالِثَةٌ وَرَاءَ هَذِهِ وَهِيَ أَنَّ وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ وَالْعَقْلِ وَالْمِيرَاثِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِتَوْقِيفِهَا مَعَ تَخْيِيرِ النِّسْبَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنَّ الْأَقْرَبَ خِلَافُهُ وَإِنَّ النِّسْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ لَا مَعْنَى لَهَا إلَّا اقْتِضَاءَ الْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ.

نَعَمْ قَدْ تَتَوَقَّفُ الْأَحْكَامُ الثَّلَاثَةُ عَلَى شَرْطٍ أَوْ انْتِفَاءِ مَانِعٍ كَمَا فِي النَّسَبِ، وَمِنْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ اضْطَرَبَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فَلْنَنْقُلْهُ عَلَى وَجْهِهِ وَنُبَيِّنُ الْحَقَّ فِيهِ، فَنَقُولُ: قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا: لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَالْمُعْتَقُ حَيٌّ وَهُوَ كَافِرٌ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ لِابْنِهِ الْمُسْلِمِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُعْتَقَ قَتَلَ الْمُعْتِقَ وَلِلْمُعْتَقِ ابْنٌ مُسْلِمٌ لَا يَرِثُهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ لَا يُوَرَّثُ ابْنُهُ، بِخِلَافِ النَّسَبِ لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ وَلَدَهُ وَلِلْقَاتِلِ وَلَدٌ فَإِنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ وَلَكِنْ يَرِثُهُ ابْنُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي بَابِ النَّسَبِ الْأُخُوَّةُ ثَابِتَةٌ بَيْنَ الْأَخِ وَالْمَقْتُولِ فَلِهَذَا يَرِثُهُ وَفِي الْوَلَاءِ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ الْوَلَاءَ بِمَوْتٍ، فَلَوْلَا أَنَّ الْأَبَ حَيًّا لَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ.

وَهَكَذَا لَوْ اُسْتُرِقَّ الْمُعْتَقُ بِأَنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ ثُمَّ مَاتَ مُعْتِقُهُ فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ لِابْنِهِ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي التَّزْوِيجِ: لَوْ أَنَّ كَافِرًا أَعْتَقَ أَمَةً مُسْلِمَةً وَلِلْمُعْتِقِ أَبٌ أَوْ ابْنٌ مُسْلِمٌ أَوْ أَخٌ فَإِنَّ وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى أَبِ الْمُعْتِقِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرْنَاهُ فَالْزَمْ مُسَلَّمَهُ.

وَقَالُوا: لَوْ أَنَّ امْرَأَةً أَعْتَقَتْ مُسْلِمَةً أَمَةً وَلِلْمُعْتِقَةِ أَبٌ فَإِنْ أَبَاهَا تَزَوَّجَ الْمُعْتَقَةَ هَكَذَا نَصُّ الشَّافِعِيُّ فَنَقَلَ الْوِلَايَةَ إلَى أَبِيهَا بِسَبَبِ عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ أَمَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>