للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوَقْفِيَّتِهِ هَلْ يُشْتَرَى وَيُوقَفُ عَلَى مَا ذَكَرَ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ تُجَوِّزُوا الْبِنَاءَ وَجَوَّزْتُمْ شِرَاءَ الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يُشْتَرَى بِالْمَبْلَغِ جَمِيعِهِ مِلْكٌ وَيُوقَفُ وَتَكُونُ مَنَافِعُهَا لِلْجِهَاتِ الْمُعَيَّنَةِ غَيْرِ الْعِمَارَةِ أَمْ يُشْتَرَى بِمِقْدَارِ مَا يَفْضُلُ أَنْ لَوْ حَصَلَتْ عِمَارَةُ التُّرْبَةِ وَتَوَابِعُهَا وَيَكُونُ مَا يُقَابِلُ الْعِمَارَةَ لِلْوَرَثَةِ وَمَنَافِعُهَا لِلْجِهَاتِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ دَارِهِ أَبَدًا أَمْ لَا وَمَا حُكْمُ الْمِلْكِ الَّذِي يُشْتَرَى لِبِنْتِ ابْنِهِ الْمَذْكُورَةِ هَلْ يُشْتَرَى وَيُجْعَلُ وَقْفًا عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ بَعْدَهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِنَاءً عَلَى الْقَرَائِنِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذِكْرِ الْوَقْفِيَّةِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ فِيهِ وَمَا حُكْمُ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا نَزَلَ فِي حُجَجِهِ صَحِيحٌ وَأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِمِقْدَارِهِ أَمْ لَا؟ بَيِّنُوا ذَلِكَ وَاضِحًا مُوَجَّهًا أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ.

(أَجَابَ) الْحَمْدُ لِلَّهِ أَمَّا الدَّارُ الَّتِي أَوْصَى بِأَنْ تُكْرَى كُلَّ شَهْرٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ لَا بِأَكْثَرَ فَالْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ فِيهَا صَحِيحَةٌ وَحَقِيقَتُهَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِسَاكِنِهَا مَنْ كَانَ بِمَا زَادَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا عَلَى السِّتَّةَ عَشْرَ وَبِالسِّتَّةِ عَشَرَ لِلْعِمَارَةِ وَالصَّدَقَةِ وَحِصَّةِ الْعِمَارَةِ رَاجِعَةٌ لِلسَّاكِنِ وَالصَّدَقَةُ وَالدَّارُ كُلُّهَا كَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا.

وَقَوْلُهُ لَا تُزَادُ أُجْرَتُهَا عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ لَازِمٌ الْعَمَلُ بِهِ مَا دَامَ يُوجَدُ مَنْ يَسْكُنُهَا بِذَلِكَ وَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ حِينَئِذٍ فَإِنْ بَذَلَ السَّاكِنُ زِيَادَةً وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْكُنُهَا غَيْرَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ الْوَصِيَّةَ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إيرَادِ عَقْدٍ عَلَيْهِ وَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمُ بَاقِي الْأُجْرَةِ مِنْ الصَّرْفِ إلَى الْعِمَارَةِ وَالصَّدَقَةِ وَلِإِطْلَاقِهِ قَوْلَهُ وَيُصْرَفُ مِنْ كِرَائِهَا، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِبِنَاءِ التُّرْبَةِ وَالْقَبْوِ وَحَفْرِ الْجُبِّ وَالصِّهْرِيجِ إذَا كَانَ فِي أَرْضٍ يُمْكِنُ فِيهَا فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ مَنْ يُقِيمُ هُنَاكَ مِنْ قَيِّمٍ وَمُقْرِئٍ وَزَائِرٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاَلَّذِي يُمْنَعُ الْبِنَاءُ عَلَى الْقَبْرِ كَمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ وَتَقْصِدُ بِهِ تَعْظِيمَ الْقُبُورِ.

وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُسَبَّلَةً لِلدَّفْنِ خَاصَّةً امْتَنَعَ فِيهَا وَإِذَا امْتَنَعَ الْبِنَاءُ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ بُنِيَ فِي غَيْرِهَا تَحْصِيلًا لِغَرَضِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَكَذَا إذَا فُهِمَ لَفْظُهُ تَحْصِيلُ تُرْبَةٍ وَلَمْ يُمْكِنْ بِالْبِنَاءِ وَأَمْكَنَ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ صُرِفَ إلَى ذَلِكَ.

وَإِنْ تَعَذَّرَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اشْتَرَى بِالثَّمَانِيَةِ آلَافِ بِجُمْلَتِهَا مِلْكًا لِمَا قُلْنَا: إنَّ مَنْفَعَةَ الْبِنَاءِ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَصْرُوفِ لَهُمْ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لَهُمْ فَيُصْرَفُ مِنْهُ لِلْمُقْرِئِ الَّذِي وَصَفَهُ وَلِصَدَقَةِ وَلِزَيْتٍ يُوقَدُ بِهِ حَيْثُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ وَاَلَّذِي يُشْتَرَى لَا يُوقَفُ بَلْ تَبْقَى رَقَبَتُهُ لِلْوَرَثَةِ وَهُوَ مُوصًى

<<  <  ج: ص:  >  >>