وَفَاءِ دَيْنِهِ مِنْهَا فَيَبْقَى لَهَا وِلَايَةُ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ وَتَوْصِيَتُهُ وَالْإِيصَاءُ بِذَلِكَ اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِ حَقِّ الْوَرَثَةِ وَبَيْعِهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَمْلِكُ وَلَا يُنَابُ لَكِنَّهُ بِوِلَايَةٍ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ.
وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْوِلَايَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْمَالِكِ بَلْ هِيَ عَلَى الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ لِبَقَاءِ ذَلِكَ الْحَقِّ لَهُ أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْمَيِّتَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْوَارِثِ لِمَا فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَعَلَهُ لِلْوَصِيِّ فَلِلْوَصِيِّ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا كَالْحَاكِمِ وَعِنْدَهُ أَقُولُ يَظْهَرُ مِنْ سِيَاقِ هَذَا أَنْ يَصِحَّ الْإِيصَاءُ بِالِاحْتِيَاطِ وَإِنْ كَانَ مِنْ امْرَأَةٍ وَمِنْ رَجُلٍ وَارِثِهِ إذَا كَانَ هَذَا فِي دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ حِفْظِ ذَلِكَ وَالتَّوَصُّلِ إلَيْهِ فَلَهُ حَقُّ الِاحْتِيَاطِ، نَعَمْ لَا يَنْفَرِدُ بِالْيَدِ بَلْ يُحْتَاطُ مَعَ الْوَارِثِ الْبَالِغِ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُضُورُ الْوَارِثِ لَمْ يُمْنَعْ الْوَصِيُّ مِنْ الِاحْتِيَاطِ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا بِوَضْعِ يَدِهِ وَلَا ضَامِنًا، وَيُتَخَيَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّرِكَاتِ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَيْدٍ: يَدُ الْوَارِثِ لِلْمِلْكِ وَيَدُ مَنْ يَقُومُ مُقَامَ الْمَيِّتِ بِحَقِّ نَفْسِهِ لِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ وَهُوَ حَقٌّ مُتَمَحِّضٌ لِلْآدَمِيِّ فَإِنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الدُّيُونِ حَقُّ الْمَيِّتِ وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ وَلَا أَقُولُ: الْمُغَلَّبُ بَلْ مُتَمَحِّضَةٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلِذَلِكَ سَبَقَ مِنْ كَلَامِي قَوْلِي: الْمُغَلَّبَ.
وَالْيَدُ الثَّالِثَةُ يَدُ الْقَاضِي نِيَابَةً عَنْ الشَّرْعِ لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ فِي الْوَصَايَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا حَقُّ الْآدَمِيِّ الْمُوصَى لَهُ وَلِلْمَيِّتِ أَيْضًا لِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ وَلَكِنَّ حَقَّ اللَّهِ فِيهَا يُغَلَّبُ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ.
وَهَذِهِ الْأَيْدِي الثَّلَاثَةُ عَلَى التَّرِكَةِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى جَمِيعِهَا، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَتْ كَأَيْدِي الشُّرَكَاءِ الَّتِي تَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى حِصَّةٍ بَلْ هَذِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ مَنْعُ الْآخَرِ وَكَأَنَّهَا ثَلَاثَةٌ مُتَطَابِقَةٌ يَدُ الْوَرَثَةِ أَسْفَلُ وَيَدُ الْوَصِيِّ فَوْقَهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمَيِّتِ وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ وَيَدُ الْقَاضِي فَوْقَهُمَا؛ لِأَنَّهَا نَائِبَةٌ عَنْ الشَّرْعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَلَا يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لَيُنَصِّبَ مَعَهُ مَنْ يُقْسِمُ بَيْنَهُمْ كَمَا قَالَ الْقَفَّالُ، وَحَاصِلُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ حُقُوقَ الْمَيِّتِ كُلِّهَا بَاقِيَةٌ فِي التَّرِكَةِ مَا عَدَّا الْمِلْكَ فَإِنَّهُ لِلْوَارِثِ مَعَ بَقَاءِ حُقُوقِ الْمَوْرُوثِ كُلِّهَا مَا دَامَتْ دُيُونُهُ وَوَصَايَاهُ بَاقِيَةٌ فَلَا يُصْرَفُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ مِلْكٌ إلَّا بَعْدَهَا وَالْوَصِيُّ قَائِمٌ مُقَامَ الْمَيِّتِ فِيمَا أَوْصَى إلَيْهِ فِيهِ كَأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute