للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَحْمَائِهَا فَإِنْ صَحَّتْ رِوَايَتُهَا وَلَا سُكْنَى فَمَعْنَاهُ وَلَا سُكْنَى فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ الَّذِي جَعَلَتْ الِاسْتِطَالَةُ فِيهِ فَتَخْرُجُ إلَى مَسْكَنٍ آخَرَ مِنْ جِهَتِهِ.

وَهَذَا تَأْوِيلٌ أَوْلَى مِنْ دَفْعِ الرِّوَايَةِ وَهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِنَا هُنَا؛ لِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ الَّذِي فِيهِ الْعِدَّةُ وَاجِبَةٌ سَوَاءٌ كَانَ مَنْزِلَ الْمُطَلَّقِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَمْ غَيْرِهِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ مِنْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا وَقُلْنَا تُعَجَّلُ نَفَقَتُهَا لَا تَخْرُجُ إلَّا لِضَرُورَةٍ حَسَنٌ.

وَهُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا حَصَلَتْ لَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَكْفِيَّةٌ لَا حَاجَةَ لَهَا إلَى الْخُرُوجِ لَتُحَصِّلَ النَّفَقَةَ وَيَنْبَغِي قَصْرُ قَوْلِهِ عَلَى هَذَا، وَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِبَقِيَّةِ حَوَائِجِهَا مِنْ شِرَاءِ الْقُطْنِ وَبَيْعِ الْغَزْلِ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهِ فِي غَيْرِ النَّفَقَةِ وَكَذَلِكَ إذَا أُعْطِيت النَّفَقَةَ دَرَاهِمَ وَاحْتَاجَتْ إلَى الْخُرُوجِ؛ لَأَنْ تَشْتَرِيَ بِهَا خُبْزًا أَوْ أُدْمًا وَنَحْوَهُ لَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ.

وَالضَّابِطُ أَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَعِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ قَطْعًا وَعِنْدَ الضَّرُورَةِ يَجُوزُ قَطْعًا وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ إنَّهُ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ بِلَا حَاجَةٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْمُنْذِرِ قَالَ فِي الْإِشْرَافِ اخْتَلَفُوا فِي خُرُوجِ الْمَبْتُوتَةِ بِالطَّلَاقِ مِنْ بَيْتِهَا فِي عِدَّتِهَا فَمَنَعْت مِنْ ذَلِكَ طَائِفَةٌ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ لَا تَخْرُجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ يَرَوْنَ أَنْ تَقْعُدَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا حَيْثُ طَلُقَتْ.

وَذَكَرَ أَبُو غَسَّانَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَبِهِ نَقُولُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: أَنَّهَا تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ.

وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ تَخْرُجُ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا عَلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي خُرُوجِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَوْ طَلْقَةً لَا رَجْعِيَّةَ عَلَيْهَا أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَإِنَّهَا فِي مَكَانِ الْأَزْوَاجِ فِي قَوْلِ كُلِّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] قُلْت وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ وَهُمَا مَسْأَلَتَانِ كَمَا قُلْنَا: مَسْأَلَةُ الْخُرُوجِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْإِسْكَانِ وَلَا لَازِمَةَ لَهَا، وَخِلَافُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْكَانِ فَقَطْ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ الَّذِي نَحْنُ نَتَكَلَّمُ فِيهِ وَكَانَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَرَادَ بِالْخُرُوجِ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ.

وَقَوْلُك هَلْ لِمُسْتَدِلٍّ شَافِعِيٍّ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>