يُقْضَى فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَإِذَا كَرِهْت أَنْ يُقْضَى فِي الْمَسْجِدِ كُنْت؛ لَأَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ فِيهِ أَوْ يُعَزَّرَ أَكْرَهُ. وَقَالَ أَصْحَابُهُ هُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً.
وَقَالَ الْقَفَّالُ الْكَبِيرُ إنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ مَكْرُوهٌ يَعْنِي الْحَدَّ فِي الْمَسْجِدِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْنَا لِمَالِكٍ يَضْرِبُ الْقَاضِي فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَمَّا الْأَسْوَاطُ الْخَفِيفَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى وَجْهِ الْعُقُوبَةِ، مِثْلُ الْأَدَبِ فَنَعَمَ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فَأَمَّا الْحُدُودُ وَمَا كَثُرَ مِنْ الضَّرْبِ فَلَا يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ إذَا ضَرَبَ فَلْيَضْرِبْ خَارِجًا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ أَسَدِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْهُ أَكْرَهُ لِلْقَاضِي وَالْإِمَامِ أَنْ يَضْرِبَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يُقِيمَا فِيهِ حَدًّا. وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ» قَالَ الْقَفَّالُ: وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا «لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ» وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ أَبِي فُضَيْلٍ عَنْ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيِّ عَنْ مَكْحُولٍ مَرْفُوعًا «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ خُصُومَكُمْ وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ» .
قَالَ إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا وَكَانَ شُرَيْحٌ يَرَى إقَامَةَ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالشَّعْبِيُّ مِثْلُهُ وَكَذَلِكَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعَابَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ فِي حِكَايَةِ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ ضَرَبَهَا شَابٌّ، فَقَالَ لَهَا قَوْلًا غُضِبَ مِنْهُ فَقَالَتْ: يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ فَأَخَذَهَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى فَأَدْخَلَهَا الْمَسْجِدَ فَضَرَبَهَا بِغَيْرِ مَحْضَرِ الْأَبَوَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ أَوْ خَصِيَّيْنِ فَلَا حَدَّ فَضَرَبَهَا حَدَّيْنِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ وَضَرَبَهَا فِي الْمَسْجِدِ «. وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُقَامَ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ» قِيلَ: وَضَرَبَهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ وَضَرَبَهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبِ خَصْمٍ لِلْحَدِّ وَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ وَحُضُورِهِ. وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ عَنْ ابْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. «إذَا أَضَرَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَلْيَخْرُجَا مِنْ الْمَسْجِدِ» .
قَالَ يَعْنِي أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ وَقَالَ لِي عُمَرُ: يَا رَجُلُ فَقَالَ أَخْرِجَاهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاضْرِبَاهُ. وَعَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ عُمَيْرٍ وَقَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ بِسَارِقٍ فَقَالَ: يَا قَنْبَرُ أَخْرِجْهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاقْطَعْ يَدَهُ. وَهَذَا مِنْ ضِعَافِ الْمَرَاسِيلِ وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ فِي الْحُدُودِ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute