إلَى شَكٍّ فَكَانَ جَانِبُ التَّبْقِيَةِ أَضْعَفَ وَيَقَعُ النَّظَرُ فِي أَنَّهُمْ هَلْ لَهُمْ يَدٌ عَلَيْهَا أَوْ نَقُولُ إنَّ بِلَادَنَا عَلَيْهَا وَعَلَى كَنَائِسِهَا وَهَلْ إذَا هَدَمَهَا هَادِمٌ وَلَوْ قُلْنَا بِتَبْقِيَتِهَا لَا يَضْمَنُ صُورَةَ التَّأْلِيفِ كَمَا لَا يَضْمَنُ إذَا فُصِلَ الصَّلِيبُ وَالْمِزْمَارُ وَهَلْ يَضْمَنُ الْحِجَارَةَ وَنَحْوَهَا رَابِلُهُ التَّأْلِيفُ هَذَا يَنْبَغِي فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا احْتَمَلَ أَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْ مَوَاتٍ كَنَقْرٍ فِي حَجَرٍ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي مِلْكِ مَنْ اتَّخَذَهَا لِذَلِكَ لِهَذَا الْقَصْدِ كَالْمَسْجِدِ الَّذِي يُبْنَى فِي الْمَوَاتِ بِغَيْرِ تَشْبِيهٍ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ ذَلِكَ بَلْ كَانَتْ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ مِلْكٌ وَوُقِفَتْ لِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاقِفُهَا هَذِهِ الْكَنَائِسَ الْمَوْجُودَةَ فَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الْهَادِمُ ارْتَكَبَ حَرَامًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْآثَارِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَفِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ مَا يَقْتَضِي هَدْمَ الْكَنَائِسِ وَمَا يَقْتَضِي إبْقَاءَهَا وَلَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَالِّهَا وَصِفَتِهَا كَمَا سَتَرَى ذَلِكَ مُبَيَّنًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَا تَغْتَرُّ سَادَةُ الْفُقَهَاءِ بِمَا تَجِدُهُ مِنْ بَعْضِ كَلَامٍ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا فِيهِ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَتُحِيطُ عِلْمًا بِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ. وَلْنَشْرَعْ فِيمَا تَيَسَّرَ ذِكْرُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ وَكَلَامِ الْفُقَهَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى طَالِبًا مِنْ اللَّهِ الْعَوْنَ وَالْعِصْمَةَ وَالتَّوْفِيقَ:
(بَابُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ) أَنْبَأَ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ الْمُقِيرُ أَنْبَأَ الْحَافِظُ ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَنَا الشَّيْخَانِ أَبُو رَجَاءٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادُ الْأَصْبَهَانِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو عُثْمَانَ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُلَّةَ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَا أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْكَاتِبُ الْأَصْبَهَانِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ شُرُوطِ الذِّمَّةِ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد أَبُو أَيُّوبَ ثنا سَعِيدُ بْنُ الْحُبَابِ ثنا عُبَيْدُ بْنُ بَشَّارٍ عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُحْدِثُوا كَنِيسَةً فِي الْإِسْلَامِ وَلَا تُجَدِّدُوا مَا ذَهَبَ مِنْهَا» هَكَذَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ عُبَيْدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَظُنُّهُ تَصْحِيفًا فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ الْجُرْجَانِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute