للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَلَيْسَ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَطَعَ بِهَا صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ. وَلْنَتَكَلَّمْ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً: قَوْلُهُ إنَّمَا حُكِمَ بِنَاءً عَلَى الْبَيِّنَةِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارَضِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ مِثْلُهَا أَوْ أَرْجَحُ يَعْنِي أَنَّهَا لَمْ تُعَارَضْ لَا بِمِثْلِهَا وَلَا بِأَرْجَحَ فَانْتَفَى عَنْهَا كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ.

قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ أَيْ الْمُعَارَضَةِ بِأَحَدٍ وَهُوَ هَاهُنَا الْمُعَارَضَةُ بِمِثْلِهَا، قَوْلُهُ، وَيَتَبَيَّنُ اسْتِنَادُ مَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ. قُلْنَا عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ لِمَ قُلْت إنَّمَا يُمْنَعُ الْحُكْمُ حَالَةَ الْحُكْمِ يُوجِبُ نَقْضَهُ وَهَذَا فِيهِ شَكٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ:

(أَحَدِهِمَا) الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا مُنِعَ مِنْ الِابْتِدَاءِ مُنِعَ الدَّوَامَ.

وَالثَّانِي أَنَّ لَنَا مَسَائِلَ تَتَبَيَّنُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ حَالَةَ الْحُكْمِ وَلَا يُنْقَضُ إمَّا قَطْعًا وَإِمَّا عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ فَمِنْهَا أَنْ نَحْكُمَ عَنْ دَلِيلٍ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ ثُمَّ يَظْهَرَ لَهُ دَلِيلٌ آخَرُ مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ أَرْجَحُ مِنْهُ وَهُوَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ أَيْضًا فَلَا يُنْقَضُ بِهِ قَطْعًا.

وَلَوْ وُجِدَ حَالَةَ الْحُكْمِ لَمَنَعَ الْحُكْمَ إمَّا لِكَوْنِهِ لَوْ وُجِدَ حَالَةَ الْحُكْمِ لَمَنَعَ الْحُكْمَ فَلِتَعَارُضِ الدَّلِيلَيْنِ، وَعِنْدَ التَّعَارُضِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ، وَنَحْنُ لَا نُفَرِّعُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ عِنْدَ تَعَارُضِ الدَّلِيلَيْنِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ لَا يُنْقَضُ بِظُهُورِهِ فَلِأَنَّهُ لَوْ نُقِضَ لَمْ يَسْتَقِرَّ حُكْمٌ.

فَإِنْ قُلْت التَّعَارُضُ فِي الْأَدِلَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ وَهُوَ أَمْرٌ مُتَجَدِّدٌ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يَتَحَقَّقُ إسْنَادُهُ إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاحْتِمَالُ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَتَرَجَّحَ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ سَاوَاهُ لَوْ وُجِدَ حَالَةَ الْحُكْمِ لَكَانَ مَرْجُوحًا وَالْمَرْجُوحُ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُعَارَضَةُ بِالْمِثْلِ وَلَا بِالْأَرْجَحِ. قُلْت نَفْرِضُهُ فِيمَا إذَا قَاسَ عَلَى أَصْلٍ مُعْتَقِدٍ انْفِرَادَهُ وَتَذَكَّرَ أَوْ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ أَصْلٌ آخَرُ يَقْتَضِي الْقِيَاسُ عَلَيْهِ بُطْلَانَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَهُوَ قَاطِعٌ بِتَعَارُضِ الْأَصْلَيْنِ حَالَ الْحُكْمِ لِوُجُودِهِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعَدَمُ النَّظَرِ فِي رُجْحَانِ الْإِلْحَاقِ بِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مَانِعٌ مِنْ الْحُكْمِ حَالَ الْحُكْمِ، وَظُهُورُهُ بَعْدَهُ لَا يُوجِبُ نَقْضَهُ قَطْعًا، وَقَوْلِي قَطْعًا بِاعْتِبَارِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَإِلَّا فَلِغَيْرِ أَصْحَابِنَا مِنْ الْعُلَمَاءِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا لَوْ حُكِمَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُمَا فَاسِقَيْنِ عِنْدَ الْحُكْمِ فَفِي النَّقْضِ خِلَافٌ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ يُنْقَضُ كَمَا لَوْ بَانَ أَنَّهُمَا عَبْدَانِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>