للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ ذَهَبَ الزَّجَّاجُ إلَى أَنَّ الْبَدَلَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَدَلُ اسْمَيْنِ مِنْ اسْمَيْنِ. لَوْ قُلْت " ضَرَبَ زَيْدٌ الْمَرْأَةَ أَخُوك هِنْدًا " لَمْ يَجُزْ قَالَ وَالسَّمَاعُ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِ الزَّجَّاجِ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَدَلُ اسْمَيْنِ مِنْ اسْمَيْنِ.

قَالَ الشَّاعِرُ

فَلَمَّا قَرَعْنَا النَّبْعَ بِالنَّبْعِ بَعْضَهُ ... بِبَعْضٍ أَبَتْ عِيدَانُهُ أَنْ تُكْسَرَا

وَرَدَّ ابْنُ مَالِكٍ عَلَى ابْنِ السَّرَّاجِ بِأَنَّ الْبَدَلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهِ بِإِلَّا يَعْنِي وَهُوَ قَدَّرَ " مَا أَخَذَ أَحَدٌ زَيْدٌ " بِغَيْرِ " إلَّا " وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ابْنِ السَّرَّاجِ بِأَنَّ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهِ بِإِلَّا هُوَ الْبَدَلُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ أَمَّا هَذَا فَلَمْ يَرِدُ بِهِ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ بَلْ هُوَ بَدَلٌ مَنْفِيٌّ قُدِّمَتْ (إلَّا) عَلَيْهِ لَفْظًا وَهِيَ فِي الْحُكْمِ مُتَأَخِّرَةٌ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ بِإِلَّا وَيَلْزَمُهُ الْفَصْلُ بَيْنَ " إلَّا " وَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ مِمَّا قَبْلَهَا، وَالشَّيْخُ تَعَقَّبَ ابْنَ مَالِكٍ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ لَمْ يَرُدَّهُ وَلَمْ يَتَخَلَّصْ لَنَا مِنْ كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ النُّحَاةِ مَا يَقْتَضِي حَصْرَيْنِ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ فِي قَوْلِهِ

إذَا ثَبَتَ الْمَفْعُولُ بَعْدَ نَفْيِ ... فَلَازِمٌ تَقْدِيمُهُ بِوَعْيِ

قَالَ كَقَوْلِك " مَا ضَرَبَ زَيْدٌ إلَّا عَمْرًا " فَهَذَا مِمَّا يَجِبُ فِيهِ تَقْدِيمُ الْفَاعِلِ، لِأَنَّ الْغَرَضَ حَصْرُ مَضْرُوبِيَّةِ زَيْدٍ فِي عَمْرٍو خَاصَّةً؛ أَيْ لَا مَضْرُوبَ لِزَيْدٍ سِوَى عَمْرٍو فَلَوْ قُدِّرَ لَهُ مَضْرُوبٌ آخَرُ لَمْ يَسْتَقِمْ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَوْ قُدِّمَ الْمَفْعُولُ عَلَى الْفَاعِلِ انْعَكَسَ الْمَعْنَى، قَالَ فَإِنْ قِيلَ مَا الْمَانِعُ أَنْ يُقَالَ فِيهِمَا مَا ضَرَبَ إلَّا عَمْرٌو زَيْدًا؛ وَيَكُونُ فِيهِ حِينَئِذٍ تَقَدُّمُ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفَاعِلِ قُلْت لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهُ لَوْ جَوَّزَ تَعَدُّدَ الْمُسْتَثْنَى الْمُفَرَّغِ بَعْدَ " إلَّا " فِي قَبِيلَيْنِ، كَقَوْلِك مَا ضَرَبَ إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا أَيْ مَا ضَرَبَ أَحَدٌ أَحَدًا إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا كَانَ الْحَصْرُ فِيهِمَا مَعًا وَالْغَرَضُ الْحَصْرُ فِي أَحَدِهِمَا، فَيَرْجِعُ الْكَلَامُ بِذَلِكَ إلَى مَعْنًى آخَرَ غَيْرِ مَقْصُودٍ وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مُمْتَنِعَةً لِبَقَائِهَا بِلَا فَاعِلٍ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْفَاعِلِ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ ضَرَبَ زَيْدٌ فَيَبْقَى ضَرَبَ الْأَوَّلُ بِغَيْرِ فَاعِلٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَكُونُ عَمْرٌو مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ غَيْرِ " ضَرَبَ " الْأَوَّلِ، فَتَصِيرُ جُمْلَتَيْنِ، فَلَا يَكُونُ فِيهِمَا تَقْدِيمُ فَاعِلٍ عَلَى مَفْعُولٍ.

هَذَا كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِنَقْلِ خِلَافٍ وَرَأَيْت كَلَامَ شَخْصٍ مِنْ الْعَجَمِ يُقَالُ لَهُ الْحَدِيثِي شَرَحَ كَلَامَهُ وَنَقَلَ كَلَامَهُ هَذَا وَقَالَ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يَتِمُّ بِبَيَانِ أَنَّ " زَيْدًا " فِي قَوْلِنَا مَا ضَرَبَ إلَّا عَمْرًا زَيْدٌ، وَ " عَمْرًا " فِي قَوْلِنَا مَا ضَرَبَ إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَا مَفْعُولَيْنِ لِضَرَبَ الْمَلْفُوظِ؛ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْجَوَابِ فَيَكُونُ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرَ تَامٍّ.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَمَالِي الْكَافِيَةِ لَا بُدَّ فِي الْمُسْتَثْنَى الْمُفَرَّغِ مِنْ تَقْدِيرٍ عَامٍّ، فَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>