للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاسْتِقْرَارِ.

فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ أَوْ يَجُوزُ وَلَكِنْ بِالتَّرَاضِي فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَإِنْ قُلْنَا: يَجُوزُ الْإِبْدَالُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمَّا تَأَكَّدَ حَقُّهُ بِالتَّسْلِيمِ ثَبَتَ لَهُ التَّوَثُّقُ بِهَا حَتَّى يَأْخُذَ بَدَلَهَا فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَأْتِ بِالْبَدَلِ.

وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ بِأُجْرَةٍ ثُمَّ اسْتَرْجَعَهُ وَقَالَ: لَا أُرِيدُ أَنْ يُقَصِّرَهُ فَلَمْ يَرُدَّهُ وَتَلِفَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَإِنْ قَصَّرَهُ وَرَدَّهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْأُجْرَةَ فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةَ، أَمَّا الصَّحِيحَةُ فَالْقِيَاسُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِيهَا وَإِلَّا يَتَنَاقَضُ كَلَامُهُ هُنَا وَفِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

فَإِنْ قُلْت: إذَا حَكَمْتُمْ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهَا فَالْعَمَلُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْعَامِلِ لَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ لِلْبَائِعِ بِخُرُوجِ الْأَشْجَارِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَا نَقْلِهِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْبَائِعِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ، وَلَوْ نَقَلَهُ لَمْ يَصِحَّ نَقْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ إبْدَالُ الْأَشْجَارِ بِغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لِلْعَامِلِ غَرَضًا فِي عَيْنِهَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى قِصَارَتِهِ وَنَحْوِهِ.

قُلْت: أَمَّا إبْدَالُ الْأَشْجَارِ فَلَا يُمْكِنُ وَالْعَمَلُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْعَامِلِ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بِانْتِقَالِ الْأَشْجَارِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِهَا وَلَا امْتِنَاعَ مِنْ انْتِقَالِ ذَلِكَ بَيْعًا كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَأَلْزَمْنَا الْبَائِعَ بِتَنْقِيَتِهَا وَسَقْيِهَا فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا لِأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ السَّقْيِ كَمَا كَانَ لِمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى حَقَّ الْبِنَاءِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ فَبَنَى ثُمَّ بَاعَ الْبِنَاءَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ بِحَقِّهِ مِنْ الْإِبْقَاءِ وَكَذَلِكَ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ بَنَى فِي مِلْكِهِ ثُمَّ بَاعَ الْبِنَاءَ يَلْزَمُ تَبْقِيَتُهُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَإِنَّهُ حِينَ وَضْعَهُ كَانَ كَذَلِكَ فَيَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِتِلْكَ الصِّفَةِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَيَجِبُ تَبْقِيَتُهُ لَكِنْ هَلْ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ إجَارَةُ الْبَائِعِ يَجِبُ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ أَوْ لَا؟ ، لَا نَقْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ وَتَعْلِيلُهُ أَنَّهُ وَضَعَ بِأُجْرَةٍ فَيَنْتَقِلُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا الْعِوَضُ بَدَّلَهُ الْبَائِعُ وَالْعِوَضُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَهُوَ الْجُزْءُ مِنْ الثِّمَارِ لَمْ يُبَدِّلْهُ الْبَائِعُ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمَبِيعَةِ، فَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَكِنَّا لَا نَخُصُّهُ بِذَلِكَ بَلْ نَطْرُدُهُ فِيمَا يُبَدِّلُ الْبَائِعُ الْعِوَضَ فِيهِ، كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ عَلَى الْإِرْضَاعِ سَنَةً ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ الرَّضِيعَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ عَلَى إرْضَاعِهِ وَنَحْوَهُ كَمَا أَنَّ الْعَمَلَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>