رَخْو العزيمة، قد استنام إلى أسباب عجزه وتخاذله، ولا يكون في بعض الاعتبار إلا كالمريض يعيش بمرضه حَمِيلة على ذويه، ضُجعة لا يمشي، نُومة لا ينتهض، مستريحًا لا يعمل.
وبهذه المكسلة الاجتماعية في الشبان يبدأ الشعب يتحول من داخله فينصرف عن فضائله، ويتخذ في مكانها فضائل استعارة يقلد فيها قومًا غير قومه، ويجلبها لبيئة غير بيئته، ويقسرها على أن تصلح له وهي فساد، ويُكرهها على أن تنفعه وهي ضرر، وتلك حالة يغامر فيها الشعب بكيانه فلا تلبث أن تصدعه وتفرقه.
ولو أن في السحاب مطرًا وغيثًا لما كان له في كل ساعة لون مصبوغ، ولو أن في الشباب دينًا لما صبغته تلك الأخلاق الفاسدة، وما ذهاب الحارس عن مكان إلا دعوة للصوص إليه، وهل كان الدين إلا واجبات وتبعات وقيودًا يراد من جميعها إعداد الإنسان لأمثالها في الاجتماع، حتى يقر في إنسانيته الصحيحة على النحو الذي يصلح له منفردًا, ويصلح له مجتمعًا؟ فليست الزوجة وحدها هي التي خسرت الشاب بل خسره معها الوطن والدين والفضيلة جميعًا، وبهذا انعكس وضعة من الجماعة، فوجب في رأيه أن تسخر الجماعة له، وأن يستقل هو بنفسه، وبهذا العكس, وهذا السقوط، وهذا الاستمتاع الذي يجد سعادته في نفسه؛ أصبح أولئك الشبان كأنما حقهم على المجتمع أن يقدم لهم بغايا لا زوجات, بغايا حتى من الزوجات!
قَبَّح الله عصرًا يجهل الشاب فيه أن الرجل والمرأة في الوطن كلمتان تفسر الإنسانية إحداهما بالأخرى تفسيرًا إنسانيًّا دينيًّا بالواجبات والقيود والأحمال، لا بالأهواء والشهوات والانطلاق كما تفسر الحيوانية الذكر والأنثى.
والنفس الدنيئة أو المنحطة في أخلاقها ومنازعها من الحياة لا تكون إلا دنيئة أو منحطة في أحلامها وأخيلتها الروحية، دنيئة كذلك في طاعتها إن قضت عليها الحياة بموضع الخضوع, دنيئة في حكمها إن قضت لها الحياة بمنزلة من السلطة. ولو تنبهت الحكومة لطردت من عملها كل موظف غير متأهل، فإنها إنما تستعمل شرًّا لا رجلًا يمنع الشر، وكل شاب تلك حاله هو حادثة ترتدف الحوادث وتستلزمها، وما يأتي السوء إلا بمثله أو بأسوأ منه.
ليس للزواج معنى إلا إقرار طبيعة الرجل وطبيعة المرأة في طبيعة ثالثة تقوم بالاثنتين معًا، وهي طبيعة الشعب. فمن سقوط النفس ولؤمها ودناءتها أن يفر