الشاب القوي من تبعة الرجولة، فلا يحمل ما حمل أبوه من واجبات الإنسانية؛ ولا يقيم لوطنه جانبًا من بناء الحياة في نفسه وزوجه وولده، بل يذهب يجعل حظ نفسه فوق نفسه، وفوق الإنسانية والفضيلة والوطن جميعًا؛ ولا يعرف أن انفلاته من واجبات الزواج هو إضعاف في طبيعته لمعنى الإخلاص الثابت، والصبر الدائب، والعطف الجميل في أي أسبابها عرضت.
ومن فُسُولة الطبع ولؤمه ودناءته أن يهرب هذا الجندي من ميدانه الذي فرضت عليه الطبيعة الفاضلة أن يجاهد فيه لأداء واجبه الطبيعي, متعللًا لفراره المخزي بمشقة هذا الواجب, وما عسى أن يعاني فيه كما يحتجّ الجبان بخوف الهلاك وعناء الحرب.
ومن سقوط النفس أن يرضى الشبان كساد الفتيات, وبوارهن على الوطن؛ وأن يتواطئوا على نبذ هذه الأحمال، وإلقائها في طرق الحياة، وتركها لمقاديرها المجهولة. كأنهم -أصلحهم الله- لا يعلمون أن ذلك يضيع بأخواتهم بين الفتيات، ويضيع بوطنهم في أمهات الجيل المقبل، ويضيع بالفضيلة في تركهم حمايتها وتخليهم عن حمل واجباتها وهمومها السامية.
إن الجمل إذا استنوق تخنث ولان وخضع، ولكنه يحمل؛ وهؤلاء إذا استنوقوا تخنثوا ولانوا وخضعوا وأبوا أن يحملوا.
ومن سقوط النفس في الرجل النكس العاجز المقصر أن يحتج لعزوبته بعلمه وجهل الفتيات؛ أو تمدنه وزعمه أنهن لم يبلغن مبلغ الأوروبية، ولا يدري هذا المنحط النفس أن الزواج في معناه الإنساني الاجتماعي هو الشكل الآخر للاقتراع العسكري، كلاهما واجب حتم لا يُعتذر منه إلا بأعذار معينة، وما عداها فجبن وسقوط وانخذال ولعنة على الرجولة.
ومن سقوط النفس أن يغنى الشاب عن الزواج لفجوره فيقره، ويُمكِّن له، وكأنه لا يعلم أنه بذلك يحطم نفسين، ويحدث جريمتين، ويجعل نفسه على الدنيا لعنتين.
ومن سقوط النفس أن يغتر الشاب فتاة حتى إذا وافق غِرَّتها مكر بها وتركها بعد أن يلبسها عارها الأبدي؛ فما يحمل هذا الشاب إلا نفس لص خبيث فاتك، هو أبدًا عند من يسرقهم في باب الخسائر والنكبات، لا في باب الربح والمكسب؛ وعند المجتمع في باب الفساد والشر، لا في باب المصلحة والخير؛ وعند نفسه في باب الجريمة والسرقة، لا في باب العمل والشرف.