للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ا. ش: لقد قلتها مرتين كلتاهما بمعنى واحد، فما معناك في هذه الثالثة؟

قال: هذا الغر يزعم أني لا أعرف كيف أصلي، ويستدل لذلك بأني صليت بالشعر وأني شتمته وأنا راكع؛ ولو كان عاقلًا لعلم أن شتمي إياه وأنا راكع ثواب له ... ولو كان نابغة لعلم أن الشعر كان في مدح دولة النحاس باشا وأولي النهى.

قلنا: ولكن الشعر على كل حال لا تجوز به الصلاة ولو في مدح دولة النحاس باشا.

قال: لم أصل به، ولكن خطر لي وأنا أصلي أني نسيت القصيدة فأردت أن أتحقق أني لم أنسها ... فإذا أنا نابغة القرن العشرين في الحفظ، وهي ستة أبيات. لا كهذا المعتوه الذي صبر على المتن صبر الغريب على الغربة الطويلة، ومع ذلك لم يحفظه.

قال ا. ش: فأمل علينا هذا الشعر. فأملى عليه١:

يا حليف السهد قل لي ... أين من في الدهر خال

إن تكن تهوى غزالا ... أكحل العينين مال

أنا أهواها ولكن ... لا سبيل إلى الوصال

منذ ولت قلت مهلا ... منذ غابت في خيال

أنا مجنون بليلى ... ليل يا ليلى تعال

قلنا: ولكن ليس هذا مدحًا، فضحك وقال: أردت أن تعرفوا أني أقول في الغزل، أما المديح فهو:

شغف الورى بمناصب وأماني ... وشغفت يا نحاس بالأوطان

حسبوا الحياة تفاخرا وتنعما ... وحسبتها لله والأوطان

ثم أرتج عليه فسكت. قال المجنون الآخر: إنها ستة أبيات، وقد نسيت أربعة، ولست أريد أن أذكرك.

فقال "النابغة": أظنه قد حان وقت الصلاة وأريد أن أصلي ... ونظر إلى اللاشيء في الفضاء، ثم قال. والبيت الآخير:

لا أبتغي في المدح غير أولي النهى ... أو صادق٢ أو شوقي أو مطران


١ هذا شعره بحروفه كما أملاه.
٢ فسر "صادق" بأنه أستاذ نابغة القرن العشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>