أفكارهم، فيكون هذا هو الجنون في عقولهم، وذلك معنى الحديث:"إنما المجنون المقيم على معصية الله".
قال "النابغة": لعمري إن هذا هو الحق؛ فنبوغ العقل مرض من أمراض السمو فيه؛ فالشاعر العظيم مجنون بالكون الذي يتخيله في فكره، والعاشق مجنون بكون آخر له عينان مكحولتان؛ والفيلسوف مجنون بالكون الذي يدأب في معرفته؛ ونابغة القرن العشرين مجنون ... لا. لا. قد نسينا ا. ش، فهو مجنون، وس. ع فهو مجنون.
وكل الناس مجنون بليلى ... وليلى لا تقر لهم بذاك
ومن حق ليلى ألا تقر لهم، إذ هي لا تقر إلا لنابغة القرن العشرين وحده؛ وما أعجب سحر المرأة في الكون النفساني للرجال! أما في الكون الحقيقي فهي أنثى كإناث البهائم ليس غير. وأعقل الرجال من كان كالحمار أو الثور أو غيرهما من ذكور البهائم. فالحمار لا يعرف الحمارة إلا أنها حمارة، والثور لا يعرف البقرة إلا أنها بقرة؛ ولا ينظمون شعرًا، ولا يكتبون "أوراق الورد" ... وإناث البهائم أمَّات١ لا غير، ولكن العجيب أن ذكورتها ليست آباء؛ فهذه الذكورة طفيلية في الدنيا، والطفيلي لا يأكل إلا بحيلة يحتال بها، فيكون صاحب نوادر وأضاحيك وأكاذيب. ولهذا كان عشق الرجال للنساء ضروبا من الخداع والأكاذيب والأضاحيك والحيل والغفلة والبلاهة؛ وإذا نظرنا إليه من أوله فهو عشق، أما آخره فهو آخر الحيلة والأكذوبة، وهو قول الطفيلي: قد شبعت وقد رويت ... ويحكم، أين أول الكلام؟
قلنا: أوله ما أعجب سحر المرأة في الكون النفساني للرجال!
قال: نعم هذا هو. إنه سحر لا أعجب منه في هذا الكون النفساني إلا سحر الذهب؛ فلو مسخت المرأة الجميلة شيئا من الأشياء لكانت سبيكة ذهبية تلمع؛ ولهذا يوجد الذهب اللصوص في الدنيا، وتوجد المرأة الجميلة لصوصا آخرين، فيجب أن يصان الذهب وأن تصان المرأة.
قلت: ولكن أليس من المال فضة، وهي توجد اللصوص كالذهب؟
قال: نعم، وفي النساء كذلك فضة، وفيهن النحاس؛ ولو أنت ألقيت ريالا