في الطريق لأحدثت معركة يختصم فيها رجلان، ثم لا يذهب بالريال إلا الأقوى، ولو كنت قرشا لتضارب عليه طفلان، ثم لا يفوز به إلا من عض الآخر ...
ولكن "فورد" الغني الأمريكي العظيم الذي يجمع يده على أربعمائة مليون جنيه، لا يتكلم عن القرش؛ و"نابغة القرن العشرين" الذي يملك "ليلى"، لا يتكلم عن غيرها من قروش النساء ...
قلت: فإني أحسبك أعلمتني أن اسمها فاطمة لا ليلى.
قال: هل يستقيم الشعر إذا قلت: وكل الناس مجنون بفاطمة، وفاطم لا تقر لهم؟ قلت: لا.
قال: إذن فهي "ليلى" ليستقيم الشعر ... أما حين أقول: أفاطم مهلا بعض هذا التدلل، فهي فاطمة ليصح الوزن.
قلت: يشبه -والله- ألا يكون اسمها ليلى ولا فاطمة؛ وإنما هي تسمى حسب الوزن والبحر، فاسمها فعولن أو مفاعلتن.
ثم قلنا له: فما رأيك في الحب، فإنه ليقال: إنك أعشق الناس وأغزل الناس؟
قال: إن ذلك ليقال "وهو الأصح"، ثم أطرق يفكر. وبدا عليه أنه مدهوش ذاهب العقل، كأنه من قلبه على مسافة أبعد من المسافة التي بينه وبين عقله. وخيل إلي أن النساء قد حشرن جميعا في رأسه، ومرت كل واحدة تعرض مفاتنها وغزلها، وتلائم هذيانه بهذيان من جمالها، فهو يرى ويسمع ويعرض ويتخير. ثم اضطرب كالذي يحاول أن يمسك بشيء أفلت منه؛ فلم ينبهه إلا قول المجنون الآخر:"مما حفظناه" أن أعرابية سئلت عن العشق فقالت: إنه داء وجنون.
قال: اسكت يا ويلك لقد أطفأت الأنوار بكلمتك المجنونة. كان في رأسي مرقص عظيم تسطع الأنوار فيه بين الأحمر والأخضر والأبيض؛ وترقص فيه الجميلات من الطويلة والقصيرة والممشوقة والبادنة، فجئت بالداء والجنون -قبحك الله- فأخرجتني عنهن إليك. أحسب أنك لو انتحرت لصلح العالم أو صلحت أنا على الأقل ... فإذا أردت أن تشنق نفسك فأنا آتيك بالحبل الذي كنت مقيدا فيه أي الحبل الذي عندي في الدار ... على أن رأسك الفارغ مشنوق فيك وأنت لا تدري.
قال الآخر: ما أنت منذ اليوم إلا في شنقي وتعذيبي أو في شنق عقلي "على