فضاق الكاتب بهذا الحمق وقال: يا سيدي كيف يغسل رجل امرأة؟
قال: وإنما أمك امرأة؟ والله لقد أنسيت ...
وأما الحالة الثانية: فما يروى عن رجل كان نائما في ليلة باردة فخرجت يده من الفراش فبردت، فأدناها إلى جسده وهو نائم فأحس بردها فأيقظته، فانتبه فزعا فقبض عليها بيده الأخرى وصاح: اللصوص. اللصوص ... هذا اللص قد قبضت عليه، أدركوني لئلا تكون في يده حديدة يضربني بها، فجاءوا بالسراج فوجدوه قابضا بيده على يده وقد نسي أنها يده ...
وأما الثالثة: فهي رواية عن رجل قد ورث نصف دار، ففكر طويلا كيف تخلص الدار كلها له ثم اهتدى إلى الوسيلة؛ فذهب إلى رجل وقال له: أريد أن أبيعك حصتي من الدار وأشتري بثمنها النصف الباقي لتصير الدار كلها لي.
قال "النابغة": لعمري إن هذا لهو الجنون، وما يذكر مع هؤلاء مجنون المتن ولا "غيره".
فقال الآخر: تالله لولا أن "نابغة القرن العشرين" يرفع نفسه عن الجنون لجاء في الجنون بما يذهل "العقول".
ثم نظر فإذا النابغة يتحفز له ... فأسرع يقول:"مما حفظناه": كن حذرا كأنك غر، وكن ذاكرا كأنك ناس. فهذا هو نسيان نابغة القرن العشرين، نسيان حكماء لا نسيان مجانين.
قال "النابغة": ولكن قد فسد قول الشاعر: ما لذة العيش إلا للمجانين؛ فما بقيت مع الجنون لذة.
قلت: إن الشاعر لا يريد المجانين الذين هم مجانين بالمرض، وإنما يريد العشاق المجانين بالجمال؛ وجنون العاشق في هذا الباب كعيوب العظماء من أهل الفن، وهي عيوب تدافع عن نفسها بحسنات العظمة، فليست كغيرها من العيوب.
قال: فيجب أن أصنع بيتا آخر يفسر ذلك الشعر ليستقيم لي التمثل به، ثم فكر وهمهم، ثم كتب في ورقة ثم طواها وقال: اصنع أنت أول، وسأئتمن س. ع. على شعري ودفع إليه الورقة: