للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- القلب: ولكنني لا أختار غيرها محكومًا لي أو محكومًا علي؛ أنا أريد أن أنظر فيها وانظروا أنتم في القضية..

- الرئيس: فليكن؛ فهذه جريمة عواطف إيذن لها أيها الآذن.

فنادى المحضر*: الأستاذة! الأستاذة!

وجاءت مبادرة، ودخلت تمشي مشيتها وقد افتر ثغرها عن النور الذي يسطع في النفس؛ وأومضت بوجهها يمينًا وشمالًا، فصرف الناس جميعًا أبصارهم إليها وقد نظروا إلى فتنة من الفتن؛ وثارت في كل قلب نزعة، وغلبت الحقيقة البشرية فانتقضت طباع الموجودين في قاعة الجلسة، وأبطل قانون جمالها قانون المحكمة، فوقعت الضجة وعلت الأصوات واختلطت؛ وترددت بين جدران المكان صدى في صدى كأن الجدران تتكلم مع المتكلمين.

أصوات أصوات: سبحان الله! سبحان الله! تبارك الله! تبارك الله! آه آه! آه آه! وسمع صوت يقول: اتهموني أنا أيضًا.. فنفرت الكلمات: وأنا، وأنا، وأنا! واختفت المحكمة وانبعث المسرح بدخول فاتنته الراقصة؛ وكان المستشارون والنائب العام في أعين الناس كأنهم صور معلقة على الحائط؛ لا يخشاها أحد أن تنظر إلى ما يصنع!

فصاح الرئيس: هنا المحكمة! هنا المحكمة! سبحان الله.. المحكمة المحكمة!

-النائب العام: هذا بدء لا ترضاه النيابة ولا تقبل أن تنسحب عليه، نعم إن هذا الوجه الجميل أبرع محام في هذه القضية، ونعم إن جسمها.. آه ماذا؟ إنكم تأتون بالشهوة الغالبة القاهرة لتدافع عن المشتهي.. عن المتهم، هذا وضع كوضع العذر إلى جانب الذنب، وكأنكم يا حضرات المستشارين..

فبدرت المحامية تقول في نغمة دلال وفتور: وكأنكم يا حضرات المستشارين قد نسيتم أن النائب العام له قلب أيضًا ...

واشتد ذلك على النائب، وتبين الغضب في وجهه؛ فقال: يا حضرة الرئيس..

-الرئيس مبتسمًا: واحدة بواحدة، وأرجو ألا تكون لها ثانية، ومعنى هذا كما هو ظاهر ألا تكون لها ثالثة.. "ضحك".


* هو الموظف الذي يكون في الجلسة للنداء على الخصوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>