كله فيها ذاهبًا إلى قلبها متدسسًا إلى خيالها؛ وكم من أم ترى ابنتها راجعة إلى الدار وتحس بالغريزة النسوية أن مع ابنتها خيالًا من الجنس الآخر!.
ومم ينبعث الحب إلا من الألفة والمخاطبة والمجاذبة والمنازعة التي يسمونها هنا منافسة بين الجنسين ويعدونها حسنة من حسنات الاختلاط؟ نعم إنها مشحذة للأذهان وداعية إلى بلوغ الغاية من الاجتهاد، وبها يرق اللسان وتنحل عقدته، ويصبح الشاب كما يقولون:"ابن نكتة ويفهم الطايره ... " وتعود الفتاة وهي تجتهد أن تكون حلاوة تذوقها الروح؛ ولكن الأعمال بالنيات والأمور بخواتيمها: والطبيعة نفسها توازن العقل العلمي بالجهل الخلقي، ولعل أكثر الناس فنونًا في فسقه وفجوره لا يكون إلا عالمًا من أهل الفن أو زنديقًا من أهل العلم، ولا يصحح هذه الموازنة إلا الدين، فهو الذي يقرر القواعد الثابتة في كلتا الناحيتين، وهذا ما يطلبه المجانين من شبان هذه الجامعة ويوشك أن يظفروا به، لولا أن هذه الأمة مبتلاة في كل حادثة من دينها بإجالة الرأي حتى يضيع الرأي.
اسمع -ويحك- هذا الفتى الذي يقرأ.. فألقى الشيطان سمعه فإذا طالب يقرأ على جماعة كلامًا في صحيفة لإحدى خريجات الجامعة تقول فيه:"ولهذا أصرح أن تجربة اشتراك الجنسين في الجامعة نجحت إلى أبعد غاية: ولم يحدث خلالها قط ما يدعو إلى قلق القلقين والمناداة بالفصل؛ بل بالعكس حدث ما يدعو إلى تشجيع الأخذ بالتجربة أكثر مما هي عليه اليوم".
فقهقه الشيطان وقال:"قلق القلقين".. ما رأيت كلامًا أغلظ ولا أجفى من هذا؛ إنها لو دافعت عن الشيطان بهذه القافات لخسر القضية ...
ثم إنه لهز الشيطانة لهزة وقال لها: كذبت علي أيتها الخبيثة، فما لك عمل في الجامعة وأنت تخرجين لرائحة قبلة بين عاشقين على مسافة خمسمائة متر؛ إن هذه القافات لهي الدليل أقوى الدليل على أن الفتاة هنا تنظر فتاة حين ترى، ولكنها تسمع رجلًا حين تتكلم!
قالت الشيطانة: ولكن ألم تسمع قولها: "تشجيع التجربة أكثر مما هي عليه اليوم"..؟ ألا يرضيك هذا الذي لا بد أن يدعو "إلى قلق القلقين؟ " ثم إني أنا فلانة الشيطانة قد كنت السبب في حادثة وقعت وطر فيها طالب من الجامعة، أفلا يرضيك الإغراء والكذب في بضع كلمات؟
قال الشيطان: كل الرضى، فهذا فن آخر والعلم الذي ينكر حادثة وقعت من تلميذة ولا يقر بأنها وقعت، لا يكون إنكاره إلا إجازة لوقوع مثلها!